أجرى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم تعديلاً وزارياً محدوداً، بطلب من الرئيس رجب طيب أردوغان، تمثّل في تبديل وزيرَي العدل والدفاع، وإبقاء الفريق الاقتصادي، في ما اعتبره يلدريم «تغيير دم». وأشرف أردوغان على التعديل بنفسه، علماً أنه كان أرجأ تعديلاً موسعاً كان يُفترض أن يشمل فريق الاقتصاد، لولا دخول الأزمة القطرية على الخط، ما أدى إلى إرجاء إقرار التعديل الوزاري وإبقاء الفريق الاقتصادي، بعد رفض وزير الاقتصاد السابق علي باباجان المشاركة في الحكومة، لاختلاف في التوجهات الاقتصادية مع فريق الرئيس بقيادة يغيت بلوط. ولوحظ احتفاظ أردوغان برفاق دربه الذين رافقوه منذ ترؤسه بلدية إسطنبول، واستبعاد المشكوك في ولائهم، مثل نائب رئيس الوزراء أرطغرل تركش الذي انتقل العام الماضي من حزب «الحركة القومية» إلى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وتصاعدت انتقاداته للتقارب أخيراً بين أردوغان والرئيس السابق لحزبه دولت باهشلي. وشمل التعديل 11 حقيبة، فيما انضم 6 وزراء جدد إلى الحكومة وتغيّرت حقائب 5 وزراء، علماً أن 15 وزيراً احتفظوا بمناصبهم، بينهم وزير المال ناجي أغبال. واحتفظ مولود جاويش أوغلو بحقيبة الخارجية، كما بقي بيرات ألبيرق، صهر أردوغان، وزيراً للطاقة. وشمل التعديل 4 من نواب رئيس الوزراء، وإطاحة الناطق باسم الحكومة نعمان كورتولموش الآتي من حزب آخر سابقاً، إذ بات وزيراً للسياحة والثقافة، وهذا منصب يعتبره وزراء كثيرون ثانوياً. وتشمل الحكومة الجديدة 5 نواب لرئيس الوزراء، جميعهم من المقربين لأردوغان والمخلصين جداً له، بينهم بكير بوزداغ وزير العدل السابق ومهندس كل القوانين والتعديلات الدستورية أخيراً، إضافة إلى وزير الدفاع السابق فكري إشق الذي أشرف على إعادة هيكلة الجيش بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة، ووزير الصحة السابق رجب أكداغ ووزير الاقتصاد السابق محمد شيمشيك الذي بقي نائباً لرئيس الوزراء، إضافة إلى إشرافه على ملف الاقتصاد. وعُيِن نائب رئيس الوزراء نور الدين جانيكلي وزيراً للدفاع. لكن أهم تغيير شهدته الحكومة، ولفت المعارضة، كان تعيين النائب عبدالحميد غل وزيراً للعدل، إذ يُعرف عنه اعتداله سياسياً وانفتاحه على المعارضة وقوة اتصاله بها. وبدت الخطوة لافتة بعد المسيرة التي نظمها رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليجدارأوغلو من أنقرة إلى إسطنبول، احتجاجاً على وضع المحاكم والقضاء في تركيا. وأعلن يلدريم التعديل الوزاري بعد اجتماع لم يُعلن عنه مسبقاً مع أردوغان، ووصفه ب «تغيير دم». وأضاف: «أتمنى لزملائي الجدد النجاح وآمل بأن تكون حكومتنا (الجديدة) مفيدة للبلاد». على صعيد آخر، لوّحت برلين باحتمال تجميد مساعدات يقدّمها الاتحاد الأوروبي لأنقرة، بعدما استدعت السفير التركي في برلين، احتجاجاً على اعتقال ستة ناشطين مدافعين عن حقوق الإنسان، بينهم ألماني ومديرة مكتب منظمة العفو الدولية في تركيا إيديل إيسر. وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت: «لسوء الحظ لدينا سبب ثابت لإجراء محادثات مع تركيا في شأن الحريات المدنية وحرية الصحافة. نعتقد بأهمية مراجعة المساعدات، في ضوء التطورات الأخيرة». ويشير بذلك إلى مساعدات تبلغ 3 بلايين يورو، تعهد الاتحاد الأوروبي تقديمها لتركيا، في مقابل كبح الهجرة غير الشرعية إلى القارة. وفي خطوة استثنائية، قطع وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل عطلته الصيفية وعاد إلى برلين، لمتابعة ملف اعتقال أنقرة الناشط الألماني بيتر شتويدتنر، بتهمة دعم تنظيم إرهابي. وأكد زايبرت أن المستشارة الألمانية أنغيلا مركل على اتصال مستمر مع غابرييل، علماً أنها كانت دانت احتجاز مواطنها، مؤكدة السعي إلى إطلاقه. وأعلن الناطق باسم الخارجية الألمانية مارتن شيفر إبلاغ السفير التركي علي كمال أيدن «بصورة لا لبس فيها»، أن اعتقال شتويدتنر «ليس مقبولاً إطلاقاً»، مشيراً إلى أن السفير «فهم ما نقصده بوضوح ووعد بإبلاغ حكومته طلب ألمانيا بإطلاقه فوراً». وتابع أن السفير «يدرك أن الأمر جدي في ما يتعلّق بنا، وأننا لن نقبل بأي تسويف في هذه المسائل التي نعتبرها مستعجلة». ووصف احتجاز الناشطين بتهمة دعم تنظيم إرهابي، ب»سخيف»، وزاد: «اتهام منظمة العفو الدولية ومنظمات أخرى مدافعة عن حقوق الإنسان بالإرهاب، أمر مروّع». إلى ذلك، اعتبر رئيس «حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي صلاح الدين دميرطاش، أن اعتقاله وزملاء له «قرار سياسي»، معتبراً أن «القضاء التركي يخضع لسيطرة وضغط كاملين من حزب العدالة والتنمية» الحاكم. وأضاف: «لا فرصة لأحد بمحاكمة عادلة».