تحولت الجلسة التشريعية العامة في بدايتها إلى نقاش سياسي تخلله سجال حاد، فاستحضر طالبو الكلام مداهمات الجيس لمخيمات عرسال ووفاة السورين الأربعة وقضية النزوح السوري، إضافة إلى العملية العسكرية التي يستعد «حزب الله» للقيام بها لتطهير الجرود من المسلحين. وأعطى الرئيس نبيه بري الكلمة الأولى للنائب عاصم قانصوه الذي تمنى العودة إلى اعتماد خدمة العلم، بعد إقرار قانون انتخاب طائفي، لأن الوضع الأمني يتطلب رفع عديد الجيش لمواجهة الأخطار، متمنياً دعم الجيش والانتهاء من وجود المسلحين في الجرود قريباً. وأشار النائب فريد الخازن إلى أنه «لا يجوز أن يزيد لبنان أزمة النازحين تفاقماً من دون الإسراع في حلها»، وقال: «لنا مصلحة كلبنانيين بالتفاوض مع الحكومة السورية لإعادة النازحين إلى بلدهم». ثم تحدث النائب خالد الضاهر فقال: «نحن أرسلنا اولادنا إلى الجيش لحماية بلدهم، لن نقبل أن يتم استغلالهم في معارك ليست في مصلحة لبنان، إنما لمصلحة مشروع غير لبناني»، مطالباً «بتحقيق شفاف لمعرفة حقيقة ما حصل في عرسال ووفاة السوريين الأربعة». فقاطعه بري: «الجيش هو المؤسسة الوطنية الأولى، إذا كان هناك من ملاحظات فلتبق الأمور داخلية حتى لا ننشر غسيلنا في الخارج». وطالب الضاهر بإقالة وزير الدفاع، مجدداً رفضه «زج الجيش في معارك خارجية واستدراجه إلى معارك خارج مصلحة البلد وإلى مشروع غير لبناني»، معتبراً أن «الجيش يدافع عن ميليشيات». وهنا سارع النائب إميل رحمة إلى الرد عليه من دون إذن بالكلام بالقول وبحدة: «كفى مزايدات»، مؤكداً «أننا تحت سقف اتفاق السراي وما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري في هذا الإطار». وبعدها حصل هرج ومرج، فتدخل بري قائلاً: «يجب أن يحصل ذلك داخل المؤسسة»، وعمل على وقف الجدال، طالباً شطب الكلام من المحضر. وتمنى وزير الدفاع «عدم زج الجيش والمتقاعدين في أي مزايدة سياسية، وعدم تحميل الجيش وزر أي قرار سياسي سابق أو لاحق، ولا يتحمل مسؤولية أي قرار حكومي». ورأى النائب اسطفان الدويهي أن «الحملة على الجيش ليست بريئة»، داعياً إلى «وقف الأبواق الفتنوية». ورأى النائب نبيل نقولا أن «من غير المقبول تحت قبة البرلمان أن يتعرض أي نائب بالإساءة للجيش ونطالب بإزالة الحصانة عن كل من يتعرض للمؤسسة العسكرية». ولفت النائب نقولا فتوش إلى أن «الجيش ليس مسؤولاً عما حصل، فهو ينفذ أوامر وتعليمات السلطة السياسية التي هي وحدها المسؤولة، وأي انتقاد لمؤسسة الجيش يجب أن يوجه إلى السلطة السياسية». وأيده في ذلك النائب روبير غانم. وطالب النائب أنطوان زهرا بتوضيح ما سيحصل في عرسال، وقال: «نسمع في الإعلام عن دور مساعد للجيش في العملية العسكرية التي ستحصل، ما هو إذاً دور الجيش وأين قراره؟». وتحدّث رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل عن سيادة الدولة على أراضيها وحصر قرار السلم والحرب وحصرية السلاح والدفاع عن لبنان بيد الجيش اللبناني والقوى الشرعية، مؤكداً الدعم المطلق للجيش لأنه حامي هذا البلد ويمثّل كل اللبنانيين ويحظى بثقتهم وبالتالي يجب الحفاظ عليه. وتابع: «أي تحقيق بموضوع الجيش اللبناني يجب أن يتم داخل القضاء والمؤسسة العسكرية». وقال: «نسمع في الإعلام أن هناك غارات للجيش السوري على الأراضي اللبنانية وتحضيرات لغارات لقوى مسلحة غير الجيش الذي تقع عليه مسؤولية حسم هذه المعركة، وما نسمعه عن تدخّل للطيران السوري بقصف المناطق»، وسأل: «هل هناك غرفة تنسيق بين الجيشين السوري واللبناني والمجموعات المسلحة؟ هل هناك عمليات مشتركة تحصل بموافقة السلطة اللبنانية ومجلس الوزراء؟ في حال وجودها أو عدمها يهمنا أن نعرف». وتابع: «في كل الأحوال يحق للشعب اللبناني أن يعرف عن الخطة التي يتم الدفاع بواسطتها عن بلده، وما هي الاستراتيجية الدفاعية المتبعة، ويحق لنا أن نعرف ماذا يحصل، ليس فقط أن نسمع عن طيران غريب يقصف مناطقنا أو عن استقدام مقاتلين لا نعرف من أين لمقاتلة جهة غير معروفة. أما إذا كان هناك نقص في عديد الجيش فنحن مستعدون للانضمام إليه، لكن التعاون مع قوى لا علاقة لها بالجيش فهذا أمر نرفضه». وسأل عن استراتيجية الحكومة في ملف اللاجئين السوريين، وقال: «غير الكلام لم نلمس أي تحرّك، وما نطالب به هو أولاً، إقامة مخيمات على الحدود لحماية اليد العاملة اللبنانية من جهة، وحماية السوريين من جهة أخرى من كل القضايا الأمنية وأن نتمكن من تأمين حاجاتهم. ثانياً، على وزارة الخارجية أن تتحرّك لإعادة توزيع اللاجئين على الدول العربية التي هي بحاجة ليد عاملة ويمكنها في المقابل تأمين أماكن سكن لهم. ثالثاً، عودة اللاجئين إلى بلدهم من خلال إجراء وزارة الخارجية اتصالات مع الأممالمتحدة وكل من يلزم لتأمين عودتهم الآمنة إلى بلدهم». وأكد النائب بطرس حرب أن «السلطة السياسية والعسكرية هي من تقرر القيام بالعملية العسكرية في الجرود». ورد الرئيس الحريري مؤكداً أن «الحكومة مسؤولة عن السيادة على أراضيها وأن لا تنسيق بين الجيش اللبناني والجيش السوري ومجموعات أخرى». وفيما قال: «كفى مزايدة في موضوع الجيش»، لفت إلى أن الأخير «سيقوم بعملية مدروسة في جرود عرسال والحكومة تعطيه الحرية لمعالجة هذا الأمر». وإذ أشار إلى أن «جيشنا مسؤول عن القتال عند الحدود وداخل الأراضي اللبنانية»، اعتبر أن «المشكلة هي في عدم ترسيم الحدود في جرود عرسال». وشدد على أن «الجيش يقوم بتحقيق حول وفاة السوريين في عرسال من خلال 3 أطباء شرعيين مدنيين وسنطلع الرأي العام على التقرير فور صدوره»، مشيراً إلى «أننا ننتظر ضوءاً أخضر من الأممالمتحدة في شأن النازحين». ورأى أن «الكلام مع النظام السوري لن يحل مشكلة النازحين السورين وإلا لكانت حلت مع العراق ومصر والأردن». عون: حل أزمة النزوح لا يكون بنشر الكراهية اعتبر الرئيس اللبناني ميشال عون أن «حل أزمة النازحين السوريين في لبنان والحد من أعبائها السلبية على الوضع العام في البلاد، لا يكون من خلال نشر الكراهية وتعميمها بين الشعبين الشقيقين والجارين»، محذراً من «الانجرار إلى لعبة بث الحقد لأن نتيجتها لن تكون إيجابية لا على لبنان ولا على السوريين». وأشار عون أمام وفد من بلدية حارة حريك برئاسة رئيس البلدية زياد واكد إلى «ما تشهده منذ أيام وسائل التواصل الاجتماعي من تحريض متبادل أخذ طابعاً غير مقبول لا سيما أن ما ينشر ويتم التداول به لا يعكس حقيقة لبنان كبلد للتعايش والتسامح». وقال: «إذا كان وجد من بين النازحين السوريين من أساء، فهذا لا يعني أن جميع النازحين السوريين مسيئون وبالتالي يفترض التمييز بين الأمرين». وأضاف: «أتى النازحون إلى لبنان هرباً من الحرب التي تشهدها سورية وقدمنا لهم ولا نزال المساعدة على رغم التداعيات السلبية التي نتجت من هذا النزوح اقتصادياً واجتماعياً، وإذ نطالب بإيجاد حل سياسي للأزمة السورية فلأننا نريد أن تنتهي معاناة هؤلاء النازحين بالعودة الآمنة إلى بلدهم. لكن هذه المطالبة لا تعطي لأي كان الحق بتنظيم حملات تحريض وتعبئة ضد النازحين المسالمين لأن أضرار مثل هذه الحملات كبيرة». وإذ لفت إلى أن «لبنان نجح في ضبط الوضع في الداخل على رغم الأحداث الخطيرة التي حصلت في المنطقة»، سأل: «هل المطلوب اليوم إدخال لبنان في أتون الحرب والمشاكل الداخلية في وقت تكاد الحروب من حولنا تنتهي؟». وحمل «كل مسؤول وفرد مهمة تنبيه الجميع إلى خطورة استمرار مثل هذه الحملات». جنبلاط يرفض التحريض المذهبي في فلسطين حيا رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي اللبناني وليد جنبلاط «المجاهدين الأبطال الذين قتلوا جنود الاحتلال الإسرائيلي في القدس». وقال عبر حسابه على «تويتر»: «لا للمسّ بكرامات المصلين وتفتيشهم وإذلالهم». وأضاف قائلاً: «في هذا السياق، أشجب كل دعوات التحريض المذهبي وأدعو المعروفيين الأحرار الى رفض تجنيد الدروز في الجيش الإسرائيلي».