جورج جحا الأكاديمي والباحث والصحافي والمترجم ترك أوراقه على الطاولة وغادر دنيانا عن اثنتين وثمانين سنة. من مواليد بشمزين – الكورة عام 1935. نال الإجازة في الأدب العربي من الجامعة الأميركية عام 1957 والماجستير من الجامعة ذاتها عام 1960 وموضوعها «الشاعر إيليا أبو ماضي حياته وشعره». علّم العربية وآدابها في مدارس الإنترناشونال كولدج والكلية الإنجيلية طرابلس وغيرها. انتمى باكراً الى صفوف النهضة القومية، وكان من الدائرة القريبة من الأديب والمسرحي سعيد تقي الدين، وتلميذاً للشاعر الراحل خليل حاوي. وكان ناشطاً في حركة «مجلة شعر» ونشر بعض القصائد والترجمات في أعدادها الأولى، وكان من المداومين على الحضور والمشاركة في نقاشات «خميس شعر». عمل في الصحافة وكان محرراً لمجلة «المجلة» الأدبية في بيروت بين عامي 1958 و 1959. هاجر الى ليبيريا – افريقيا إثر المحاولة الانقلابية القومية ليل 1961 – 1962 وبقى هناك حتى صدور قرار العفو. عمل مع وكالة «رويترز» منذ عام 1975 صحافياً ومترجماً ومحرراً حتى 1985 واستمر رئيساً للخدمات العربية فيها. في عام 1992 شارك في تأسيس القسم الأدبي العربي في «رويترز» واستمر يكتب فيه حتى أيامه الأخيرة. وغطى في «رويترز» الكثير من الأحداث والتجارب والكتب في لبنان والعالم العربي، وراجع العديد من المؤلفات في الشعر والرواية والفكر والفلسفة. نال شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأميركية بإشراف الأكاديمي إحسان عباس 1986 وعلم في الجامعة الأميركية حتى السنة الماضية. كما علم في الجامعة اللبنانية الأميركية من 1997 حتى 2004. أصدر عام 1992 كتاباً شعرياً بعنوان «أشيب الشاربين يبكي مدينته» (دار الحمراء) وفي هذا الكتاب أظهر الحزن والحب والحنين على مدينة له فيها كل شيء وليس له فيها شيء. قصائد كتبت بغنائية مشوبة بالحب والتذكارات والنجاوى. وضمنها كل الشوق الذي عاناه في البعد والسفر. وأصدر عام 2010 كتاباً شعرياً آخر بعنوان «تنويعات على أغنية البوم» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر). وله أيضاً دراسته التي نال عليها شهادة الدكتوراه ولم تنشر بعد وهي بعنوان «المصطلحات الحضارية الحديثة في الروايات والقصص القصيرة اللبنانية (1870 – 1914)» وركز في دراسته على توسع اللسانيات بالتناسب مع التنمية الاجتماعية والسياسية والثقافية. ترجم جورج جحا الى العربية العديد من الكتب في حقول الفلسفة والدراسات الاجتماعية السياسية ومنها «منزل القردة» و «النخبة والمجتمع» و «الجذور الاجتماعية للديموقراطية والديكتاتورية»، وأصدر سلسلة فكرية بعنوان «سلسلة أعلام الفكر العالمي» وفيها نيتشه وسارتر وغيرهما. وأثناء عمله مع وكالة «رويترز» أنجز جحا بحثاً مميزاً نشر أجزاء منه وهو بعنوان «المصطلحات اللسانية التي انتشرت خلال الحرب الأهلية اللبنانية» ولعله الأول في نوعه. جورج جحا صاحب أياد بيضاء على الإنتاج الأدبي اللبناني والعربي ولطالما نشرت مراجعاته النقدية في الصحف اللبنانية والعربية في العقود الماضية. الصديق الحيي الدمث والمتابع بلهفة وشغف لكل مهم وجديد ومختلف في نتاج الحركة الثقافية اللبنانية والعربية. تخرجت على يديه أجيال من التلاميذ والباحثين. عاش جورج جحا أيامه في حب المعرفة، وفي حومة الكلمة، وفي الشوق الى النهضة، وفي العبور الى الآخرين في التعليم والكتابة والإبداع، ولم يعرف طريقاً للحياة سوى العطاء الأنقى، العطاء من الذات.