بدا أن الولاياتالمتحدة حسمت أمس موقفها المتأرجح إزاء التطورات في مصر، وقررت دعم صيغة تسوية تضمن «انتقالاً منظماً» للسلطة لا تأتي رياحه بما لا تشتهيه سفنها، ورفضت مطالبة الرئيس حسني مبارك بالتنحي، نزولاً على مطالب مواطنيه، على رغم تكرارها الحديث عن ضرورة إجراء إصلاحات ديموقراطية. ومنذ اندلاع الاحتجاجات الثلثاء الماضي، وزعت الإدارة الأميركية الأدوار على أركانها الذين أجمعوا على مطالبة القاهرة بإصلاحات، وتباينوا في لجهتهم، فشدد الرئيس باراك أوباما على كون مبارك «حليفاً قوياً للولايات المتحدة»، فيما رفض نائبه جوزيف بايدن اعتبار الرئيس المصري ديكتاتوراً، مشيراً إلى «الخدمات الكبيرة» التي قدمها لواشنطن. وتبنت وزارة الخارجية اللهجة المتشددة ملوحة بقطع المساعدات التي يتلقاها النظام، فطالبت الوزيرة هيلاري كلينتون مبارك ب «إصلاحات فورية وشاملة تلبي تطلعات شعبه»، محذرة من قمع المتظاهرين. وكرر الناطقون باسمها هذه الرسالة، حتى أن أحدهم انتقد أول من أمس تعيين رئيس الاستخبارات عمر سليمان نائباً للرئيس معتبراً أنه «خلط للأوراق»، مطالباً النظام المصري ب «إجراءات لتنفيذ تعهداته». وذهب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور جون كيري الى حد مطالبة مبارك بإفساح المجال أمام المصريين لاختيار قائد جديد لهم. غير أن واشنطن القلقة على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وفي مقدمها أمن إسرائيل، أنهت لعبة تقاسم الأدوار تلك بعد اجتماع مساء أول من أمس لمجلس الأمن القومي الأميركي، وخرج أوباما وكلينتون بموقف واحد يكاد يكون استخدم العبارات نفسها. ودعت كلينتون أمس إلى «انتقال منظم» إلى الديموقراطية في مصر، ورفضت المطالبة بتنحي الرئيس. ورأت أن الخطوات التي اتخذها مبارك بتعيين سليمان نائباً له وتكليف الفريق أحمد شفيق تشكيل حكومة جديدة «ليست كافية»، لكنها قالت: «هذه هي البداية، مجرد بداية لما يجب أن يحدث، ألا وهو عملية تقود إلى نوع من الخطوات الملموسة لتحقيق الإصلاح الديموقراطي والاقتصادي الذي دأبنا على دعوته إلى تطبيقه». وأوضحت: «نحاول تشجيع الانتقال المنظم والتغيير الذي يلبي المطالب المشروعة للشعب المصري التي ينادي بها المحتجون، ونحض حكومة مبارك التي لا تزال في السلطة، ونحض الجيش الذي يحظى باحترام بالغ في مصر، على اتخاذ الخطوات الضرورية لتسهيل مثل هذا الانتقال المنظم». وأكدت أن «لا حديث في الوقت الحالي عن قطع أي مساعدات. نحن دائماً نراجع المساعدات التي نقدمها، ولكن الآن نحن نحاول إيصال رسالة واضحة للغاية، هو أننا نريد أن نضمن عدم وجود عنف أو استفزاز ينتج عنه عنف». أما أوباما، فنقل عنه البيت الابيض في بيان أن «اعاد تأكيد تركيزنا على معارضة العنف والدعوة إلى ضبط النفس ودعم الحقوق الأساسية ودعم اتخاذ خطوات ملموسة لتطبيق الإصلاحات السياسية في مصر». ودعا إلى «إصلاحات حقيقية».