يبدو أن المصريين تنتظرهم أيام صعبة، فمخازن الطحين (الدقيق) ومستودعات توزيع السلع الغذائية نُهبت في أماكن متفرقة من البلاد، والمتاجر أُغلقت إلى أجل غير مسمى، أما المنشآت الخدمية فغاب عنها الأمن والعاملون، كما أضرم بعض البلطجية النار في محطات كهرباء وخزانات مياه، ما أدى إلى انقطاعهما عن أحياء، ناهيك عن أعمال التخريب التي طالت مصارف وأبنية تعليمية ومراكز تجارية شهيرة ومحطات إطفاء الحريق. وتحتاج تلك الأمور إلى بضعة شهور، على أقل تقدير، لإعادتها إلى سابق عهدها، فيما لا أحد يستطيع أن يتنبأ في مصر متى تستقر الأمور لتعود الحياة إلى طبيعتها. وتوافد المصريون أمس على منافذ توزيع الخبز، علهم يتمكنون من شراء كميات كافية لتخزينها، لكن غالبية هذه المنافذ لم تتمكن من الإيفاء بحاجاتهم. ويقول شكري عبدالمقصود الذي يملك مخبزاً: «اللصوص نهبوا مخزن الدقيق الذي أملكه... استيقظت في الصباح لأجد أبواب المخزن مهشمة تماماً، وتمت سرقة نحو مئتي كيس. حسبي الله ونعم الوكيل». ويرى أن «أهالي المنطقة سيعانون للوصول إلى رغيف الخبز». ويتساءل بنبرة حزينة: «ما ذنب الشعب في هذا الدمار؟... هؤلاء ليسوا مصريين». وبدت شوارع القاهرة وعدد من المحافظات الأخرى شبه خاوية من المتاجر، التي إما تعرضت للنهب أو أغلقت أبوابها خوفاً من ذلك. ونزل المواطنون للتزود بحاجاتهم، فيما شوهدت مئات المتاجر ومنافذ توزيع المنتجات وهي مهشمة عن آخرها، وبدت مظاهر النهب والتخريب. ويقول المحمدي، وهو صاحب متجر لبيع المواد الغذائية: «بدأ المخزون يقل ولا أعلم من أين أحضر المزيد من المنتجات الغذائية... متاجر الجملة أغلقت خوفاً من النهب». وكانت أعمال التخريب طالت إحدى محطات الكهرباء أول من امس، فيما عبر مواطنون عن مخاوف جمة من انقطاع التيار الكهربائي في مناطقهم، ما يعطي الفرصة للصوص للتجول ونهب ما يجدونه أمامهم، كما أبدى هؤلاء مخاوف أخرى من حدوث أعطال في خدمات المياه أو الكهرباء، لصعوبة تدارك الموقف بسبب غياب العمال عن المصالح الخدمية. في المقابل، يتوقع كثير من المصريين مستقبلاً ضبابياً، فطارق السكري الذي يعمل في مكتب وزير عن طريق التعاقد لمدة محددة، لا يعلم إمكان تمديد تعاقده عند تسمية الوزير الجديد من عدمه. ويقول: «ربما يطيح الوزير الجديد بغالبية العاملين القدامى، حيث يعتبرنا من أفراد الحرس القديم». أما المهندس شاكر مؤنس، فلا يعلم مصير «تحويشة عمره» كما يقول، إذ أغلقت المصارف ونهب الكثير منها، في حين لا يعرف سمسار البورصة كريم الحسيني متى سيعود إلى عمله ليحصل على راتب الشهر المنصرم. ويشير الى نفاد الأموال التي في حوزته، ولا يعلم من أين ينفق على أهل بيته إذا طال الوضع، بينما ينظر المحاسب عماد عبدالكريم بمرارة إلى المستقبل، إذ لا يعلم مصير شقة تمكَّن من سداد أكثر من نصف ثمنها «بشق الأنفس». وكان ينتظر استلامها في احد التجمعات السكنية أواخر العام، لكن الآن لا أحد يجيب على هواتف الشركة المنفذة للمشروع ليعطيه معلومات «تشفي الغليل».