توقّع وزير المالية التركي محمد شمشيك أن يرتفع حجم الاستثمارات التركية - السعودية المشتركة إلى نحو 10 بلايين دولار في غضون 3 سنوات، معتبراً أن حجم التبادل التجاري بين بلده والسعودية «لا يتناسب مع العلاقات الممتازة بينهما» وآملاً بأن «تتولى السعودية القيادة في توقيع اتفاق التبادل التجاري الحر». كلام شمشيك جاء في حوار أجرته معه «الحياة» في الرياض عقب الاجتماع الاقتصادي التركي - السعودي العاشر الذي نوقش خلاله العلاقات الاقتصادية الثنائية وكل القضايا المشتركة. وحض الوزير التركي المستثمرين السعوديين على الاستثمار في بلده خصوصاً أن «الاقتصاد التركي يتميز بالاتساع والتنوع الكبير». وقال: «نحتل المركز السادس كأكبر اقتصاد في أوروبا إذ يبلغ معدل القوة الشرائية من الإنتاج العام تريليون دولار و70 في المئة الاستهلاك المحلي الخاص. عندما ننظر إلى الاقتصاد التركي من ناحية القوة الشرائية نجد أن لدينا سوقاً محلية وسوقاً للاستهلاك الخاص تبلغ ما يعادل 750 بليون دولار. وهذا ما يجعل الاقتصاد التركي متسعاً. ولدينا أيضاً تعداد سكاني شاب، ما يجعل تركيا منطقة ديموغرافية مفضلة، إضافة إلى ذلك فقد عملت الحكومة التركية الحالية ومنذ تسلمها السلطة عام 2002 على تغيير تركيا». وتابع: «كثيرون لديهم تصور عن تركيا يرجع إلى السبعينات والثمانينات، لكنها خضعت لكثير من التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال السنوات الماضية». وتحدث شمشيك عن هذه التغيرات قائلاً: «قسمنا الدولة إلى أربع مناطق تتفاوت فيها الضريبة وفقاً لمدى تطور كل منطقة. لو أرادت شركة أن تستثمر في المنطقة الأقل تطوراً نسبياً، نقدم لها معدلاً ضريبياً منخفضاً نسبياً يبلغ 2 في المئة، بينما قد يبلغ المعدل الضريبي المتبع 20 في المئة. ولكن لأنه استثمار جديد يحصل على 2 في المئة. وكذلك يعفى المستثمر خلال السنوات السبع الأولى من ضريبة الاتزان الاقتصادي بينما تسددها (عنه) خزانة الدولة. نحن نوفر الإعفاءات الضريبية على الأراضي وإنتاجية الموظفين، إضافة إلى الإعفاءات الجمركية. وهناك أيضاً مزايا الأبحاث والتطوير لأننا نريد أن نزيد من القيمة الاستثمارية والقيمة المضافة للاقتصاد». وتحدث بإسهاب عن المراكز المتقدمة التي تحتلها بلاده عالمياً وأوروبياً في مجالات وقطاعات عدة، مشيراً إلى «استثمارات سعودية جيدة في مجال الاتصالات»، آملاً بأن «يساعد الارتباط العالي المستوى بين السعودية وتركيا في مساعدة رجال الأعمال من البلدين للقيام بكثير من الأعمال ليس فقط في تركيا أو السعودية إنما تبنّي الفرص في البلدان النامية الأخرى». وقال: «نحن متفائلون جداً، فشركات البناء التركية نشطة جداً ولديها كثير من الأعمال في هذه المنطقة، كما تحتل المستوى الثاني عالمياً بعد الصين، خصوصاً أنها نفذت في العقدين الماضيين أكثر من 5 آلاف مشروع بمبالغ تزيد على 180 بليون دولار في 38 بلداً». وأوضح وزير المالية التركي أنه أبلغ نظراء له بأن «للسعودية بعداً استراتيجياً يتمثل بسعيها إلى تنويع اقتصادها والاستثمار ما يفيد الاقتصاد على مستوى التوظيف أو الأعمال التجارية الكبيرة أو الصغيرة وفيه الكثير من الديناميكية. لذا أرى الكثير من الآمال في أعمال مشتركة بين المستثمرين السعوديين والأتراك». وعن حجم التجارة بين تركيا والسعودية، قال شمشيك: «قبل أزمة المال العالمية كان 5.5 بليون دولار ثم انخفض إلى 3.5 بليون دولار، ولكن في 2010 ارتفعت الاستثمارات الى 4.4 بليون دولار، وبالتالي نحن متفائلون بخاصة مع توقيع اتفاقات مشتركة بأن يصل حجم الاستثمارات بين البلدين إلى نحو 10 بلايين دولار خلال السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة». وتابع: «السعودية وغيرها من بلدان الخليج ليس بالضرورة أن يعتمد تصديرها على النفط والغاز، بل يمكنها أن تستثمر في تركيا التي تعتبر مثل الأسواق الناشئة كالهند والصين وروسيا والبرازيل، علماً بأن مدى الخطورة في تركيا مثل البلدان الأوروبية التي نتبع سياساتها، اضافة إلى نسبة نمو ثابتة في سوقنا الناشئة وبالتالي هي منطقة جذب جيدة». وأكد شمشيك أن «لا عوائق سياسية أو اقتصادية امام المستثمرين، إنما فقط مسألة اعتقاد وتصور وعدم دراية بالفرص المتاحة... ففي 2010 أصبحت تركيا تملك أكبر معدل نمو في بلدان المنطقة وفي أوروبا فمعدل النمو في بلدان منطقة اليورو يبلغ 2 في المئة ولكن تركيا وصلت إلى ضعفي ذلك سريعاً. ونظراً إلى العلاقات العالية المستوى بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ورئيس الدولة عبدالله غل، فالعلاقات ممتازة جداً والحوارات بينهما ممتازة، لذا سأرجع ذلك إلى قلة الوعي بالفرص المتاحة للاستثمار ما بين البلدين». وعن انضام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، قال: «قطعت شوطاً من المباحثات والمناقشات المتعلقة بذلك ومنذ 2004 ولكن التقدم بطيء بسبب مشكلات داخلية تعاني منها أوروبا. بعض الدول الأوروبية تحاول استغلال دخول تركيا للاتحاد كقضية سياسية محلية، ولكننا نؤمن بأن الرحلة للدخول إلى الاتحاد الأوروبي أهم بكثير من الدخول فعلياً والسبب الذي يدفعني لقول ذلك هو أننا نرى أوروبا كمثل أعلى من ناحية القوانين والأنظمة فعملنا على تبني قوانين وأنظمة مشابهة وتقدمنا وأنجزنا الكثير، ولكن لأسباب سياسية في أوروبا فالتقدم بطيء نتيجة للمشكلات في اليونان وقبرص». وتابع: «ربما لا يهمنا الانضمام من عدمه، المهم لنا هو تعزيز الحقوق الأساسية والحريات لشعبنا وتعزيز مستوى الديموقراطية ومعاييرها وتقليل الفجوة بيننا وبين أوروبا في شأن بين بعض الأنظمة، ولكن بالنسبة إلينا التغيرات والتحديثات الاقتصادية والسياسية هي الأهم من الانضمام أو عدمه. بالطبع نريد أن ننضمم وهناك تقدم في ذلك ولكنه بطيء نسبياً. وفي رأيي أوروبا تحتاج إلى تركيا أكثر من حاجة تركيا إليها، خصوصاً أنها تتمتع بالديناميكية وحالياً الأنظار تتجه الى الشرق والأسواق الناشئة مثل السعودية وتركيا والهند والصين وروسيا. هذه البلدان لديها حصة كبيرة بينما أوروبا تخسر. أوروبا تحتاج إلى تركيا الى تأمين موارد الطاقة، وكذلك إذا كانت مهتمة فعلياً بحوار الحضارات بين الإسلام والغرب وإذا أرادت أن تبقى منطقه اقتصادية ديناميكية... لكن لسوء الحظ فهم ينظرون إلى منظار ضيق إلى تركيا بدلاً من منظور استراتيجي. نحن نعمل على تطوير علاقاتنا مع الجميع، فقبل أن تتولى الرئاسة الحالية كانت تركيا تتجاهل جيرانها المقربين من أصدقائها وإخوانها العرب لعقود من الزمن ولكننا الآن نغير ذلك». وتابع: «بالنسبة إلينا، جيراننا مهمون جداً والشرق الأوسط مهم جداً، وكذلك افريقيا وجميعها بقدر أهمية أوروبا. أوروبا سوق كبيرة بالنسبة إلينا، و46 في المئة من تصديرنا يذهب إليها، لكننا لا يمكن أن نتجاهل جيراننا المقربين لذلك بإمكانكم ملاحظة أن العلاقة بين تركيا والدول العربية والافريقية تطورت بشكل ملحوظ في ما يتعلق بالتجارة والاستثمار، وهذا منطقي اقتصادياً وتجارياً».