أجبرت المشاهد المأسوية التي خلفتها أمطار الأربعاء الماضي، عدداً من أهالي مدينة جدة على فتح منازلهم أمام العالقين والمحتجزين والمتضررين الذين غصت بهم الطرقات الغريقة والجنبات المبتلة. وبثّوا عبر أجهزة تقنية عدة نداءات تطالب العوائل والشبان الهاربين من الخطر إلى اللجوء إليهم. ولما كانت المشاهد الكوارثية أكبر من أن يستوعبها عقل، لم يفكر غالبية أهالي جدة الذين أعلنوا فتح منازلهم أمام المتضررين في أعداد من سيستقبلونهم. يقول علي بن محفوظ ل «الحياة»: «ما إن رأيت الأمطار تواصل انهمارها وتتسبب في إغراق الطرق قبل إغلاقها، حتى وجدت نفسي أفتح باب منزلي لكل من علق في مياه المطر. ولما كنت أقطن منزلاً في شارع صاري، وجهت وأصدقائي نداءات عدة عبر «الهاتف» لكل من علق في هذا الطريق. وبعد فترة، استقبلت عائلتين تضررتا بشدة. واستمر مقام أفراد العائلتين اللتين لجأتا إلى منزلي في الثالثة مساء، حتى ال 12 ظهراً، حين سمعوا أن طريق الحرمين افتتح وأن بإمكانهم السير عبره». ويتابع: «أمضينا الوقت معهم بكل ود، حتى غادروا بسلام. ولعل ما قمنا به لا يعدو كونه واجباً على كل فرد، فالمصائب التي تعصف بنا لابد من تسخيرها لإثبات قربنا من بعضنا وتعاوننا». ولم تختلف حال بدر عبدالله عن حال سابقه كثيراً، إذ فتح هو الآخر منزله أمام المارة حتى الثالثة من فجر أمس. يقول ل «الحياة»: «علقت سيارات كُثُر تقل عائلات وشباناً، ما اضطرني إلى النزول إليهم واستدعائهم إلى دخول منزلي حتى يتوقف المطر وتفتح الطرق. وما إن تمنعت بعض العائلات، حتى عمدت إلى إنزال زوجتي التي طمأنتهم وأقنعتهم باللجوء إلينا». وفي جدة، استمرت نداءات الترحيب باستضافة المتضررين والعالقين حتى فجر أمس. يقول أبو علي الغامدي: «خرجت من منزلي المتاخم لشارع فلسطين سيراً على الأقدام، بحثاً عن عالقين أو متضررين. ولما وجدت ثلاثة رجال يصحبون مجموعة من الأطفال عرضت استضافتهم فوافقوا، لنعود إلى المنزل، حيث انتظرنا حتى الثالثة والنصف فجراً قبل أن نودع آخرهم». ولم يكن الرجال وحدهم من عرضوا استضافة المتضررين، إذ حملت النداءات أسماء وأرقام هواتف نسوة عرضن ترحيبهن أيضاً باستضافة العالقات من بنات جنسهن.