ما إن بدأ الفنان الفلسطيني أمير دندن، بغناء «فلسطين يا دمي ويا روحي... فلسطين يا بلسم لجروحي»، حتى هاجت مدرجات قصر رام الله الثقافي وماجت، في افتتاح فاعليات مهرجان فلسطين الدولي للموسيقى والرقص، الذي ينظمه مركز الفن الشعبي، بمشاركة فنانين وفرق من فلسطين، والأردن، والجزائر، وتركيا، وإيطاليا، ليتواصل حتى الثاني والعشرين من الشهر الجاري. دندن، الذي نافس على لقب «محبوب العرب» في الدورة الأخيرة للمسابقة، وذهبت للفنان الفلسطيني يعقوب شاهين، قدم وصلة غنائية فلسطينية ضمت أغنيات شهيرة فولكلورية وحديثة مثل «يا طير الطاير»، و «وين ع رام الله»، و «شدو الهمة»، وغيرها، هو الذي يقول أن للغناء في فلسطين نكهة مغايرة ومتميزة، فيما غصت المدرجات الخارجية التي شيّدت خصيصاً للمهرجان بالآلاف القادمين من مختلف المحافظاتالفلسطينية. وعلى مدار قرابة ساعة ونص الساعة، قدم أغنيات طربية من أبرزها القدود الحلبية، وأغنيات لعمالقة الطرب العربي كأم كلثوم، وعبد الحليم حافظ، ووديع الصافي، وغيرهم، مرتدياً الكوفية الفلسطينية، التي غنى لها، وسط الرقص، والغناء، والتصفيق الحار، والصفير، والهتاف، في افتتاح دورة عام 2017 من المهرجان، والتي تنتظم تحت شعار «الأرض»، وتتوزع عروضه ما بين غزة، ورام الله، وجنين، ونابلس، وتحديداً بلدة بورين فيها. وترعرع الفنان أمير دندن في عائلة تهتمّ بالموسيقى، واعتاد مرافقة والده الفنان خالد دندن منذ الصغر، وهو من مواليد قرية مجد الكروم شمال فلسطينالمحتلة في العام 1948، ودرس الموسيقى والغناء لاحقاً في معهد «بيت الموسيقى»، ومنذ انتهاء برنامج «محبوب العرب»، يعمل على باقة من الأغاني الخاصة. ويتخذ مهرجان فلسطين الدولي لهذه السنة من «الأرض» موضوعاً، داعياً إلى «العودة إليها من خلال التجوال، والعمل الزراعي التعاوني، ودعم صمود المزارعين، وكذلك إلى معرفة تاريخ الأرض، خصوصاً مع مرور 30 سنة على الانتفاضة الأولى، و50 سنة على احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، «وكلها أحداث تتعلق بصراع البقاء، وعلاقة الفلسطيني بأرضه، فيما تشكّل الثقافة والفن وسيلة لتسليط الضوء على هذه الفكرة». وقالت إيمان حموري، مديرة المهرجان: «نندفع في هذا المهرجان قابضين على حلمنا، وأكثر اعتصاماً به من قبل، ففي لحظة كهذه، وواقع مرّ كهذا جراء البوصلة المكسورة نحاول أن نعود ... أن نعود إلى الدليل الذي لا يفرط بنا، إلى الحلم ... أحلامنا الآن ثابتة، وإن أصابتها الخيبة أحياناً، فهي منذ لحظة الولادة قادرة على العلو والتحليق أكثر، وقادرة على تذكيرنا إن نسينا ... الأرض هي الحلم، والحلم هو الأرض، ولهذا كانت «الأرض» شعار المهرجان لهذا العام، وذلك نابع من الواقع الذي يتسلل فيه الاستيطان نحو عزلنا بسياسات مصادرة أراضينا، وخلق سياق لنكبة جديدة». وأضافت: «وعلى رغم ذلك، نمد ذراعنا المجروحة من القدس إلى عمقنا العربي في بيروت، وبغداد، ودمشق، والقاهرة، وعمّان، ونعيد رتق جرح الخريطة، ونصدّق الأرض». وقبل حفلة دندن بساعتين، كانت أولى أمسيات المهرجان في مدينة غزة، حيث قدّمت فرقتا «دواوين» و «خطأ مطبعي» في غزة، عروضهما الموسيقية والغنائية بمدينة الزهراء في جامعة فلسطين. وفرقة «خطأ مطبعي» التي قدّمت عرضها في غزة، تأسست في بداية عام 2012، وتحاول من خلال أعمالها نقد الواقع الاجتماعي الفلسطيني والعربي سعياً إلى التغيير، كما أن فرقة دواوين تأسست في العام 2015، وقدّمت منذ ذلك الحين عشرات العروض، أحيت فيها أغنيات تراثية فلسطينية، وتضمّ الآن أكثر من 50 عضواً بين موسيقيين ومطربين وتقنيين.