على رغم ازدحام المهرجانات في الأردن، من «جرش» إلى «الفحيص» و «صيف عمان»، وارتفاع معدلات درجات الحرارة في المنطقة، إضافة إلى ارتفاع وتيرة الاحتراب الأهلي في بلدان مجاورة، استطاع مهرجان جديد إثبات حضوره، هو «مهرجان موسيقى البلد» الذي استقطب جمهوراً عريضاً. نشدت فعاليات المهرجان تبيان رفض الناس الاحتراب المجتمعي الداخلي والحروب الظالمة، وتوقهم الى بدء حياة جديدة وممارسة شتى أنواع التعبير المتاحة، خصوصاً ما عبّر عنه العرض الافتتاحي الغنائي لفرقة «طرب باند» السويدية - العراقية، على المسرح الروماني القديم (الأوديون) . الفرقة التي أُسست في مدينة مالمو السويدية عام 2008، قدّمت فقرات غنائية منوعة، وصدحت فيها قائدة الفرقة العراقية نادين خالدي، بصوتها القوي الحاد. ولم تخلُ الفقرات الغنائية المقدّمة من صيحات وصخب الاحتجاج تجاه نشوب الحروب التي أطلقتها أغاني الخالدي، سواء من أغانٍ قدّمتها سابقاً: «لما حبيبي جفاني»، و «محمد بوي محمد»، و «نرقص تشوبي رقصة محبوبي»، و «حياتك قلبي مجروح»، و «حبيبي مو بيدي»، و «ياسمين ست الحلوين»، و «مستنياك مكانك بعده خال»، و «فلوا»، أو من أغاني ألبومها الجديد، ومنها: «شوفك بعدين» و «تصبح بيتي». إلا أن أكثر أغنية انفطرت لها قلوب المستمعين حزناً لوقع موضوعها عليهم، هي «ياسمين ست الحلوين» التي رصدت في جملها الغنائية، حكاية حزن ثقيل، لحدث واقعي جرى في حرب غزة الأخيرة، عندما عاد والد الطفلة ياسمين الى بيته، لأخذ ما تبقى من الحوائج التي عاثت بها صواريخ الطائرات الإسرائيلية دماراً، ليجد ابنته ياسمين وسط دمها المسفوح، بينما كان رأسها الصغير الجميل مفصولاً عن جسدها، وفق رواية الخالدي. البناء اللحني العام للأغاني المقدّمة في الحفلة، امتزجت فيه جماليات الغناء الشرقي بالغربي، مستفيدة الخالدي من التراث العربي والعراقي خصوصاً، وجاء هذا البناء ممزوجاً بألحان البوب وإيقاعات «التشوبي» التي قدّمها موسيقيون سويديون مختصون بالموسيقى الفولكلورية والعالمية. وودّعت الخالدي جمهورها بأغنيتين للسيدة فيروز، هما: «حنا السكران»، و «كان الزمان وكان»، إضافة الى أخذ صورة سيلفي وفريقها والجمهور. وشاركت في المهرجان فرق محلية هي: «المربّع»، «أيلول»، و «زائد ناقص»، وعربية من فلسطين لكلّ من «هوا دافي»، والفنان «مقاطعة»، ومن لبنان «الراس»، ومن تونس شارك الفنانان منير الطرودي وظافر يوسف. وعن أسباب إقامة جميع الحفلات على المسرح الروماني الأثري (الأوديون) وسط البلد، قال مدير مسرح البلد رائد عصفور: «يعود السبب إلى ضرورة إعادة الاعتبار لهذا المسرح، الذي أنشئ قديماً من أجل الإشعاع الحضاري والفني، ومن جهة أخرى أنه يقع في رئة عمان الثقافية». وعن أهداف المهرجان، أوضح: «يسعى المهرجان إلى تطوير آفاق جديدة لدعم الفنانين والموسيقيين الشباب، بفتح سوق فنية للفرق والفنانين لترويج أعمالهم، إضافة الى فتح المجال للتبادل الموسيقي بين الفرق العربية والعديد من الفرق المحلّية، ضمن كرنفال موسيقي ثقافي يتناغم مع تاريخ عمان الذي يبدأ من المدرج الروماني».