كان يا ما كان، في سالف المغارب والأنهار، فخرج الوطواط من بين مباني البطحاء، فقابله البرق و«حب خشمه»، ثم وصل سندباد إلى ميناء الملك عبدالعزيز من دون سابق إنذار، فتم طرده شر طرده، لأنه لا يملك تأشيرة دخول كما أن الميناء مشغول كعادته بحادثة «عرضية»، فخرج وزير العمل وهدد بمزيد من البطالة، وترك القاعة على مضض، ثم سمع طرقاً عنيفاً على الباب ففتحت السيدة ملعقة، فوجدت الشيخ يوسف الأحمد على رأس وفد من طلابه، فاستقبلته بالأحضان، واتجه مباشرة إلى صحن السلطة، فهرب الخيار من الصحن، ولم يبق سوى الخس ترافقه بصلة، فحدثها مناصحاً بأن تبتعد عن رفقاء السوء وتتحاشى الاختلاط، لكن قبل أن يتم حديثه اقتحمت الغرفة فرقة تولت القبض على البصلة، بعد أن فضح محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر، علاقتها اللصيقة بالتضخم، وهنا تم تسليمها لذويها من باب الستر بعد أن وقعّت تعهداً، وضحك الجميع وعمت الفرحة أرجاء الغرفة. لا أعلم لماذا أخذ البعض على كلمة الدكتور الجاسر في منتدى التنافسية الدولي الخامس في الرياض أخيراً، وانتقدوا قلقه «غير المبرر» من التضخم بسعر البصل الذي «تضاعف سعره أربع مرات خلال شهر واحد». شخصياً أنا ضد هذه الهجمة الإعلامية على مخاوف المحافظ التي اعتبرها مبررة، ولا يمكن لعاقل أن يتبرأ منها، وسأثبت لكم بالدليل القطعي ارتباط البصل بالاقتصاد وحرص مؤسسة النقد عليها. طبعاً كثيرون يدركون أهمية البصل مع «الفول»، لكن قليلين يعلمون أن فوائده تنعكس بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني... كيف؟ بغض النظر عن رائحته القاتلة، إلا أن البصل مطهر للفم، وهذه الميزة تتضح عندما يتجه أحدنا ويتعرض لقضية مع أحد القطاعات الاقتصادية أو مشكلة ما، فعلى الفور يبدأ مفعول البصل باختيار الألفاظ المقبولة، من خلال تطهيره للفم عبر ضبط حركة الميكانيكية الفكية لضمان عدم تجاوزها حدود الأدب واللباقة. وهذه طبعاً تنعكس بشكل مباشر على التعامل الإنساني والمجتمعي، وتعزز روح المشاركة والإبداع. وعلى غرار هذه الميزة العظيمة، هناك ميزة أخرى لا تقل عنها وتتمثل في منع البصل للتجلط، وهذه لا يمكن أن توفرها مواد غذائية أخرى لما له من قيمة تمنع تجلط شرايين القلب، والفئة المستهدفة هنا هم أولئك الذين يتعاملون في سوق الأسهم ويخسرون فيصابون بجلطة ويموتون. أما بالنسبة لمرضى السكر ففوائد البصل عظيمة، بعد أن أثبتت الدراسات أنه يحوي مادة الجلوكوز الشبيهة بهرمون الأنسولين، ولهذا فالفائدة العظيمة هنا لأولئك المواطنين المعرضين بالإصابة بهذا المرض، الذين يكلفون خزينة الدولة مئات الملايين، كما يمكن توفير قيمة الأدوية، بل والاستغناء عنها من خلال أكل البصل. وأيضاً من فوائده وعلاقته بالاقتصاد ومكافحته لأمراض السرطان، فقد أثبتت الدراسات أن البصل علاج فعال لمثل هذه الأمراض، وأهميته للاقتصاد أن نسبة الإصابة بهذا المرض في المملكة تشكل واحدة من أكبر النسب في العالم. ولا شك أن الجاسر رأى هنا أن الإصابة بهذا المرض القاتل من شأنها أن تجعل الأموال في مهب الريح، لأن نتيجة المرض حتمية، في ظل تواضع الخدمات الصحية، وبالتالي يعتبر العلاج هدراً اقتصادياً لا يمكن السكوت عنه... الحل بالبصل. طبعاً هذه بعض فوائد البصل وليست جميعها، فهناك علاج الربو والزكام وبعض الأمراض الجلدية، وجميعها كما ترون تسهم في تقليص الهدر في المال العام من خلال صرف أدوية لأمراض لا يتكلف علاجها سوى حبة بصل، وبطبيعة الحال ينصح «الشيف رمزي» بأخذ 182 غراماً ونصف الغرام، من البصل ويقطع إلى شرائح بحيث لا يتجاوز عرض الشريحة ثلاثة أرباع الملليمتر، ويضاف له قليل من خل الحلبة، مع 15 غراماً من الثوم المحمر، وتنقع في ماء زمزم، مع إضافة قليل من «رجل العفريت»، وتوضع في درجة حرارة 73 ونصف فهرنهايت، وتشرب قبل صلاة الفجر بساعة و31 دقيقة وربع. طبعاً هذه الوصفة ستشعر بالجوع الشديد، وصاحبها سيأكل كل ما يصادفه، حتى لو كان تراباً، فيجب ألا يخشى شيئاً... فالتراب أيضاً جزء من مقومات الاقتصاد الوطني. [email protected]