حذرت شركات التبغ العالمية من تداعيات «غير مقصودة» في طريقة تطبيق الضريبة الانتقائية على التبغ، التي تصل إلى 100 في المئة، على اعتبار أن فرضها غير موحدة لكل المنتجات أو طرحها بأسلوب معقد، قد يفتح نافذة إلى زيادة التجارة غير المشروعة التي ارتفعت حدتها أخيراً مع دخول جماعات متشددة على خط الاتجار غير المشروع في التبغ لتمويل نشاطاتها. ويحتلّ الاتجار غير المشروع بالسجائر، وفقاً لمؤسسة «يورومونتر» العالمية، المرتبة الأولى في قائمة الاتجار غير القانوني الأكبر في منتج قانوني لجهة القيمة نظراً إلى العائدات التي يجنيها المهرّبون. وأعلنت «منظمة الصحة العالمية» أنّ سيجارة من أصل 10 سجائر في العالم غير قانونيّة، أي نحو 570 بليون سيجارة، في حين يُقدَّر إجمالي التجارة غير المشروعة بنحو 40 بليون دولار، توازيها خسارة ضريبيّة مماثلة للحكومات العالميّة. وتوقع خبراء ارتفاع إجمالي الضرائب غير المحصلة والإيرادات الضائعة على خزائن الدول العربية نتيجة الاتجار غير المشروع بالتبغ إلى 1.2 بليون دولار سنوياً، مقارنة ببليون حالياً. وعلى غرار الدول الأخرى، تتمتع دول الخليج بسيادة مالية وطنية وموضوعية عند فرض الضرائب الانتقائية. وتشجّع شركات التبغ العالمية الحكومات دائماً على النظر بدقة في العواقب المحتملة غير المقصودة الناجمة عن الضرائب المفرطة التي يمكن أن تؤثر في سوق التبغ القانونية، كما في الأهداف المتعلّقة بالإيرادات الحكومية والصحة. وقال نائب الرئيس الإقليمي للشرق الأوسط في شركة «فيليب موريس مانجمنت سيرفيسز الشرق الأوسط المحدودة» تركان ديميرباس، إن «تطبيق الضرائب على سلع محددة، غالباً ما يهدف إلى تحقيق هدفين حكوميين، الأول مالي يتمثل في توليد عائدات الضرائب، والثاني صحي يتمثل في خفض استهلاك السلع التي تفرض عليها الضرائب الانتقائية». وأضاف: «الضرائب الانتقائية المفروضة على منتجات التبغ تتماشى والنقطتين المذكورتين، وتمثّل في عدد من الدول مصدراً مهماً للإيرادات الحكومية، كما تساعد على تحقيق الأهداف المرتبطة بالصحة، وإذا كانت الضريبة الانتقائية تفرض لتحقيق هدف صحي، وبما أن كل السجائر مضرّة بشكل متساوٍ، فيجب أن تكون الضريبة الانتقائية موحّدة لكل المنتجات، أي مبلغاً محدداً لكل وحدة من المنتج، حتى لا تعزز التجارة غير المشروعة». وأكدت مصادر أن أسباب التوقّعات بزيادة الاتجار غير المشروع بالتبغ في المنطقة، لا تقتصر على دخول تنظيم «داعش» على خط التهريب فحسب، بل يُضاف إلى ذلك السماح لشركات بإنتاج التبغ الرخيص الثمن في المناطق الحرة، ما يسمح بنشوء سوق سوداء كبيرة لتهريب التبغ بين الدول العربية. وقدّرت المصادر حجم السوق السوداء في المنطقة بنحو 58 بليون لفافة سنوياً، أي نحو 30 في المئة من إجمالي السوق. وقال ديمرباس في حديث الى «الحياة»، إن «ضريبة التبغ مسألة معقّدة تتطلّب النظر في عدد من العوامل الاقتصادية عند اتخاذ قرار في شأن الهيكلية الضريبية الصحيحة ومستوى الضرائب». وأشار إلى أن «التجربة تثبت أن زعزعة حركة الأسواق تزداد عندما لا تعكس منتجات التبغ القانونية القدرة الشرائية للمستهلكين المحليين، والأسعار في الدول المجاورة، كما أن تصميم السياسة الضريبية معقد من منظور الإدارة والالتزام». وأضاف: «يجب أن يكون النظام الضريبي الصادر عن دول الخليج العربي في شأن الضريبة الانتقائية المفروضة على التبغ وغيره من المنتجات، مبنياً ومطبّقاً بطريقة تضمن عملية بسيطة وعادلة وفاعلة في توليد الإيرادات الحكومية، ما من شأنه ضمان توقّع إيرادات ثابتة وفرض الحد الأدنى من العبء الإداري على القطاعين الحكومي والخاص». وشدد على أن «التصدي لتهريب التبغ غير المشروع يتطلّب رداً من الكثير من الجهات، وجهداً منسقاً بين القطاعين العام والخاص». ولفت ديمرباس إلى أن «الحلول التقنية، مثل العلامات المالية الرقمية ومزايا التتبع والاقتفاء، يمكن أن تشكل مساعدة كبيرة للسلطات الحكومية والمستهلكين في مكافحة التهرب الضريبي والتجارة غير المشروعة». وأكد أن «شركات التبغ تتكيّف مع النظام الذي تقرر الحكومات تطبيقه، وتتوقف التحديات دائماً على السياسة الضريبية والنظام الضريبي، فكلما كان النظام أبسط، كلّما تراجع عدد التحديات التي يفرضها على الشركات وعلى الحكومة، ولذلك تكون أنظمة الضرائب المحددة، أي المبلغ المحدد لكل علبة سجائر، الأفضل من منظور إداري وكيفية الامتثال». وأشار إلى أن «المنهجية الأفضل لتحقيق الأهداف المرجوة، تتمثل في تطبيق نظام ضريبي محدد تماماً، ولن تتأثر الإيرادات الحكومية الضريبية في حال تحوّل المستهلكون إلى علامات أرخص من السجائر، لأن كل علبة من السجائر ستولّد دائماً الدخل ذاته للدولة». وأوضح أن «فرض ضريبة أعلى على القيمة، تشجع الشركات على طرح السجائر ذات الأسعار المنخفضة التي تدفع ضرائب أقل، وتشجّع المستهلكين للتحوّل اليها، وهذا ليس في مصلحة الصحة العامة والإيرادات الحكومية، ولذلك تطبّق مجموعة كبيرة من الدول، من بينها أستراليا وكندا واليابان والنروج والولايات المتحدة، ضريبة محددة الرسم فقط على السجائر».