على رغم منع تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) تجارة التبغ ومعاقبته المدخنين في المناطق الخاضعة تحت سيطرته في العراق وسورية، تنشط هذه التجارة بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، لتولد مصدر تمويل جديد للتنظيمات المتطرفة. وتوقع مسؤولون في شركة التبغ البريطانية «بريتش أميركان توباكو»، ارتفاع إجمالي الضرائب غير المحصلة والإيرادات الضائعة على خزائن الدول العربية نتيجة الإتجار غير المشروع بالتبغ، إلى 1.2 بليون دولار سنوياً، من بليون دولار حالياً، بسبب عمليات التهريب. وأكد المسؤولون أن أسباب توقّع زيادة الإتجار غير المشروع بالتبغ في المنطقة، لا يقتصر على دخول منظمات ارهابية باتت تنشط في هذه التجارة، خصوصاً في العراق وسورية، على خط التهريب وحسب، إنما تضاف إليها زيادة كبيرة للضرائب دفعة واحدة والسماح لشركات بإنتاج التبغ الرخيص الثمن في المناطق الحرة، ما يسمح بنشوء سوق سوداء كبيرة لتهريب التبغ بين الدول العربية. وكُشف النقاب أخيراً عن معلومات تشير الى ان «داعش» لجأ إلى مصدر دخل إضافي من خلال تهريب السجائر التي يدّعي أنه «يُحرمها» ويمنع تدخينها في مناطق سيطرته. واوضح ناشطون في مدينة الرّقة السورية، إن التنظيم فتح ممّرات حدودية إلى تركيا لتهريب أصناف كثيرة، بينها الأغنام والسجائر إلى جانب النفط، معتمداً على «مجموعة من البغال التي تحمل الأصناف المهّربة، وتسير بمفردها على الحدود». من جهتها، أعلنت وزارات الصحة في دول مجلس التعاون الخليجي أخيراً تأييدها للدعوة إلى استحداث ضريبة القيمة المضافة وزيادة الرسوم الجمركيّة (100 في المئة) على منتجات التبغ. ويوجد موضوعان مهمّان على صلةٍ بزيادة الضرائب على التبغ، الأول الحاجة إلى تفادي زيادة ضريبيّة كبيرة تُفضي إلى تعزيز التجارة غير المشروعة، والثاني تمويل مجموعات الجريمة المنظمة والمنظمات الإرهابيّة. أمّا توظيف عائدات تجارة التبغ غير المشروعة التي يجري تبييضها وسائر المنتجات ذات القيمة العالية مثل النفط من أجل تمويل الإرهاب، فشأن مثير للقلق نظراً إلى بروز منظمات إرهابيّة مثل «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» وانتشارها عبر المنطقة من المغرب إلى المشرق. وأكد خبراء أن تجارة التبغ المهرب باتت تنشط في دول الربيع العربي، اذ قدروا قيمة الإيرادات الضائعة منها لخزائن الدول العربية بنحو بليون دولار سنوياً. ومعلوم أن هذا الأمر يؤثر بدرجات متفاوتة على دول المنطقة، إذ تختلف العوامل المسببة لهذه التجارة باختلاف الأسواق، لكن ميزة السعر التي توفرها هذه المنتجات هي السبب الرئيس وراء رواج المنتجات غير المشروعة. وأفادت مؤسسة «يورومونيتور إنترناشيونال» أن الإتجار غير المشروع في السجائر يحتل «المرتبة الثانية بعد الاتجار بالمخدرات غير المشروعة لجهة العائدات التي يجنيها المهربون». ولفتت إلى أن «سيجارة من بين كل عشرة سجائر تُدخّن في أنحاء العالم هي غير مشروعة». وتمثل هذه النسبة نحو 600 بليون سيجارة سنوياً، ما يسفر عن خسائر في الإيرادات الحكومية السنوية تراوح بين 40 بليون دولار و50 بليوناً».