أظهرت النشرة الإحصائية الصادرة أخيراً عن مديرية التربية والتعليم في كيبك لعام 2016، أن مقاطعة كيبك هي «مملكة الراسبين في المرحلة الثانوية» مشيرة إلى أن «اثنين من خمسة طلاب لم ينهيا هذه المرحلة، مقابل 4.29 في المئة ينجحون فيها ويحصلون على الشهادة الثانوية، فضلاً عن 5.67 في المئة للطالبات، وأن معدل الرسوب للإناث هو 6.3 وللصبيان 12.5 أي بمعدل وسطي 9.4 في المئة اضافة الى أن 25 في المئة من طلاب المدارس الرسمية في كيبك لا ينهون دراستهم الثانوية. ويبدو أن هذه النسب المتفاوتة في الرسوب بين الجنسين، دفعت فرانسوا لوغو (زعيم حزب التحالف من أجل كيبك) الى تقديم مشروع قانون يقضي بإلزام «اي طالب بين السادسة عشرة والثامنة عشرة، بالبقاء في المدرسة حتى حصوله على الشهادة الثانوية». ويؤكد لوغو «اننا نريد أن نبعث برسالة قوية إلى أن أي طالب دون 18 سنة، مكانه هو البقاء في المدرسة، حتى حصوله على الشهادة الثانوية» علماً أن لوغو هو من دعاة إعادة النظر في قانون العمل الكيبكي الذي يسمح لمن هم دون الثامنة عشرة بدخول سوق العمل. ويضيف: «نحن في حاجة أكثر من أي وقت مضى الى تنفيذ مجموعة من التدابير لمكافحة التسرب المدرسي المبكر الذي تزيد نسبته على 6.12 في المئة في المرحلتين الابتدائية والثانوية». وفي إطار البحث عن حلول ناجعة لمكافحة الرسوب المدرسي، يطرح رجل الأعمال الكندي ميتش غاربر أمام الحكومة الكيبكية ويلتزم دفع مبلغ الف دولار لكل طالب يحصل على الشهادة الثانوية من المدارس الرسمية. ويستند غاربر الى احصاءات وزارة التربية والتعليم في كيبك التي تشير الى أن «الرسوب المدرسي لا يكلف الخزينة 1.9 بليون دولار في السنة فحسب، وإنما يترافق مع عواقب اجتماعية واقتصادية ونفسية وخيمة مثل تفشي الجريمة وارتفاع حدة البطالة واعتماد الشباب العاطلين من العمل على مساعدات الدولة». ويرى أن «أكلاف الرسوب الى ارتفاع في المجتمع الكيبكي، ونحن نريد أن نرى اطفالنا ينجحون في دراستهم ويتسلحون بقوة المنافسة في سوق العمل». وينطلق غاربر من مبادرة «مثالية» كان قدمها في مبادرته للحكومة لإحدى المدارس الرسمية التي كانت فيها نسبة الرسوب المدرسي مرتفعة جداً. فأودع لدى إدارتها مبلغ 50 الف دولار توزع على مدى 10 سنوات على الطلاب الذين حصلوا على شهاداتهم الثانوية. ويشير غاربر الى اعتراض البعض على وجود المال بأيدي الطلاب، معتبراً أن «المال هو مجرد تقدير ومكافأة وتعويض عن عمل ناجح وهو شرعي ومبرر أكاديمياً واقتصادياً ومهنياً». ويؤكد غاربر أن مبلغ ألف دولار معفى من الضرائب وهو مبلغ مهم في حياة الشباب، وليس له أثر سيئ، بل يشجع من هم على حافة النجاح، ويمنح للحاصلين على الشهادة مهما كان تقديرهم العلمي او عمرهم او معدل علاماتهم. ويسوق غاربر لمشروعه التربوي الاقتصادي من منظار أن عدد الخريجين الحاملين الشهادة الثانوية في كيبك لا يتجاوز 60 الفاً سنوياً وكلفتهم لا تتعدى 60 مليون دولار في السنة. ويوضح: «نحن نتحدث عن 0.3 في المئة من الموازنة السنوية لوزارة التربية والتعليم والبالغة 18 بليون دولار، والتي تنفق فقط على مدارس القطاع العام». ويؤكد غاربر أن مشروعه سيعدل نسبة التخرج في مدارس كيبك الحكومية من 77.7 في المئة الى ما يتجاوز 81 في المئة من الآن وحتى عام 2020. العلم في خدمة التنمية نوقشت مبادرة غاربر في البرلمان الكيبكي، ولكنها لا تزال قيد التداول وتفاوتت حولها وجهات النظر، بخاصة من منظار أن المال يفسد التعليم ويصبح مرتهناً للمبادرات الفردية التي تتوخى الربح قبل أي شيء آخر. اضافة الى استناد بعض النواب الى أن الدراسات العلمية والتربوية تفيد بأن عملية الرسوب المدرسي، ليست مشكلة تعليمية بحد ذاتها وانما هي نتجية لتضافر عوامل فردية عائلية واجتماعية واقتصادية وغيرها. في حين يعتقد غاربر(وهو مصنف أحد أكبر أغنياء العالم) أنه «يضع التعليم في خدمة التنمية الاقتصادية المستدامة التي يشكل طلابنا جزءاً منها».