يسعى تكتل قوى المعارضة الجزائرية في الآونة الأخيرة إلى فتح حوار مع الجناح الأبرز في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة (الفيس)، مطلقاً سباقاً محموماً مع السلطة لسحب تلك الورقة من أيديها، إذ تفكر الأخيرة في دعوة الجناح المعتدل في الحزب المنحل لإجراء مشاورات حول تعديل الدستور، لضمان مشاركة الإسلاميين في صياغته. وأعلنت «تنسيقية الحريات والانتقال الديموقراطي»، المشكّلَة من أحزاب قاطعت الرئاسيات الأخيرة، أن قادة هذا التكتل التقوا بقياديين بارزين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، هما علي جدي وكمال غمازي للتشاور وتبادل وجهات النظر، خلال تحضيرها لمؤتمر حاشد يضم كل أقطاب المعارضة بدءاً من الأسبوع المقبل، إلا أن دعوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للأحزاب للحوار في نفس التوقيت قد تخلط الأوراق. وأعلنت التنسيقية أنه في إطار سلسلة الاتصالات التي أجرتها مع الأحزاب ورؤساء الحكومة السابقين والشخصيات الوطنية بهدف استقطابهم للمشاركة في ندوة الانتقال الديموقراطي التي تعتزم تنظيمها منتصف الشهر الجاري، عُقد لقاء مع القياديين في «الفيس» علي جدي وكمال غمازي، لكن اللافت أن بيان التنسيقية المعارِضة ذكر القياديين بالاسم دون انتمائها السياسي للجبهة المحظورة بحكم قضائي منذ عقدين. وذكر بيان التنسيقية أن اللقاء مع جدي وقمازي كان إيجابياً. وأشار إلى توافق في تشخيص الوضع العام «والمخاطر التي تهدد البلد بسبب هيمنة الفساد والرداءة ومنع الحريات من قبل نظام الحكم». وزاد أن المجتمعين اتفقوا على ضرورة التغيير السلمي وتباحثوا حول تنظيم ندوة الانتقال الديموقراطي الذي اعتبره كل الأطراف مشروعاً مهماً وإيجابياً، الأمر الذي يُعدّ بمثابة موافقة مبدئية من قبل جدي وقمازي للمشاركة في الندوة في انتظار مناقشة التفاصيل. ويمثل القياديان الإسلاميان، التيار السياسي المفكر في الجبهة الإسلامية المحظورة، التي فازت بانتخابات عام 1991 الاشتراعية التي أُلغيت نتائجها. ويبدو أن خيار التشاور معهما لا يعني القيادة التاريخية للحزب ممثلة بعباسي مدني المقيم في قطر، والذي دعا عشية الانتخابات الرئاسية الماضية إلى الذهاب إلى «مرحلة انتقالية تشارك فيها كل الفعاليات المعتمدة والمحظورة بما في ذلك الجبهة الإسلامية للإنقاذ وبمشاركة السلطة». وحض مدني يومها على ضرورة ابتعاد الجيش عن السياسة. وتسعى المعارضة أيضاً إلى الدفع باتجاه مقاطعة المشاورات التي كُلِّف مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي بإجرائها مع القوى السياسية لبحث التعديلات الدستورية.