ضاع عمرها في انتظار وظيفة في السلك التعليمي. أملت نورة المزيد على مدار 18 عاماً، وهي خريجة كلية التربية المتوسطة، أن تحصل على وظيفة معلمة، لكن انتظار السنوات الطوال لم يأت معه خير قط. لا تزال نورة تنتظر بحسب قولها منذ أقل من عقدين بقليل، أي وظيفة، «حاولت طوال هذه الفترة أن أحصل على وظيفة معلمة، وعندما طال الانتظار حاولت الحصول على وظيفة كاتبة على أي بند من البنود، أو معلمة على بند 105، إلا أن كل محاولاتي باءت بالفشل». وتشير إلى أن الوظائف التي كانت تبحث عن إحداها كانت تمنح بشكل سري، «طوال 15 عاماً لم ينزل لهذه الوظائف إعلانات، وكان التعيين عليها يتم بشكل سري، ولحالات خاصة فقط». لم تستطع المزيد أن تظل صامتة بعد أن قرأت رد وزارة الخدمة المدنية المنشور أمس على لسان الوزير محمد الفايز، فقررت البوح بقصتها الحزينة. وتحدثت عن الفقرة العاشرة من رد الوزير الذي قال إن السبب في عدم تثبيت بعض البنود – ومنها طبعاً بند محو الأمية – هو «أن التعيين على تلك البنود لدى تلك الجهات لم تراع فيه مقاييس الجدارة وتكافؤ الفرص بين عموم المواطنين، إذ لا يعلن عنها للجميع ويتم التعيين عليها بصورة استثنائية، فالتوظيف بهذا الأسلوب يعتبر خروجاً على الأنظمة والتعليمات المقررة والمؤكد عليها بموجب أوامر سامية بضرورة فتح المجال للجميع». كما أشارت إلى قول الوزير إن وزارته رفعت التماساً إلى المقام السامي تطلب فيه تثبيت المعينين على بند 105 وبند الأجور. وقالت: «ما يهمني هنا أن وزارة الخدمة المدنية طلبت تثبيت العاملات على بند الأجور والساعات بوظائف كاتبة ومراقبة، وقامت بذلك فعلاً، وقبلها ثبتت معلمات على بند 105». وأكدت أن التعيين على تلك البنود لدى تلك الجهات لم تراعَ فيه مقاييس الجدارة وتكافؤ الفرص بين عموم المواطنين، إذ لا يعلن عنها للجميع، ويتم التعيين عليها بصورة استثنائية وبحسب الرؤية الشخصية لبعض المسؤولين في تعليم البنات. وأضافت: «على مدى 15 عاماً كنت اطلب توظيفي على أي تلك البنود، لكن طلبي كان يقابل بعبارة «لا يوجد شواغر»، وخلال تلك السنوات تم تعيين الكثيرات ممن اعرفهن في المدينة التي أسكنها وعلى الوظائف نفسها التي كنت أطالب بتوظيفي عليها». وتساءلت: «لماذا وافقت الوزارة على تثبيت تلك البنود، ورفضت تثبيت بند محو الأمية الذي كان التعاقد عليه يتم بحسب شروط وزارة الخدمة المدنية، وبعد إعلان للجميع؟ ما الفرق بين هذا وذاك؟». المزيد التي عملت «متعاقدة» لمدة أربع سنوات ونصف السنة، طلبت من وزارة الخدمة المدنية تبريراً «بعد أن ضيعت علي فرصة عادلة في الحصول على وظيفة كاتبة عندما ثبتت الوظائف التي تم الحصول عليها بطرق مخالفة للنظام؟»، متسائلة: «من يعوضني عن ضياع تلك الفرصة مني؟». وطالبت الوزير الفايز بتوضيح اللبس الحاصل، وإحقاق الحق، «ضاعت علي فرص التوظيف لمدة 18 سنة، مع أنني اتبع الطرق النظامية في الحصول على الوظيفة». القصص كثيرة، والمواطنون الذين شعروا بهضم حقوقهم في الحصول على وظيفة كثيرون، لكن قصة أحمد السليمان ربما جاءت في الاتجاه المعاكس لقصة نورة، فأحمد الذي تخرج عام 1417ه من جامعة الملك سعود بتخصص تربية بدنية، تقدم فوراً على ديوان الخدمة المدنية، لكنه صدم بأن الوظائف الموجودة لن تكون من نصيبه، لأنها مخصصة لأولئك الذين تخرجوا من الكلية المتوسطة او كلية التربية البدنية، فوزارة التربية والتعليم تشترط في معلميها أن يكونوا خريجي الكليتين المذكورتين، وأن لا علاقة لها بخريجي المؤسسات التابعة للتعليم العالي. وعندما سأل عن المكان الذي يمكن أن يلجأ إليه، قالوا له ان يتجه إلى وزارة التعليم العالي، وحين ذهب إلى المقصد، كانت الإجابة أن وزارة التعليم العالي ليست لديها وظائف في هذا الجانب، وليست جهة توظيفية. قفلت الأبواب في وجه السليمان، واسودت الدنيا في وجهه أول الأمر إلا أنه أخيراً، عثر على ضالته في القطاع الخاص، إذ لا يزال يعمل منذ 16 عاماً.