لم تحمل المواقف الصادرة عن فريقي 14 و8 آذار أي جديد يمكن أن يؤدي إلى حسم الجدل حول اسم الرئيس المقبل للحكومة اللبنانية، في حين بقيت الأنظار شاخصة في اتجاه قصر بعبدا حيث من المتوقع أن يبدأ الرئيس ميشال سليمان اليوم الجولة الأولى من الاستشارات النيابية المفترض أن تحسم الجدل حول بعض المواقف غير المعلنة. ووجهت القيادات المسيحية في «قوى 14 آذار» رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية بصفته «رأس الدولة والمؤتمن الأول على الدستور، والممثل الأول للمسيحيين في السلطة والمؤتمن على ميثاق العيش المشترك»، داعين إياه الى «دعوة الجامعة العربية الراعية لتفاهم الدوحة ومجلس الأمن المسؤول عن القرارين 1701 و1757 للقيام بواجباتهما في حماية لبنان». وجاء في الرسالة أن «فريق حزب الله بدأ انقلاباً على السلطة، بالانقلاب على كل ما تعهد به تجاهكم. فلقد اسقط هذا الفريق حكومة الشراكة الوطنية التي بذلتم الكثير من أجل استمرارها ونجاحها. وتمّ هذا الإسقاط باستخدام نصابٍ دستوري ووزير وديعة، ما كان يحقّ لهذا الفريق استخدامهما بموجب تعهداته المعلومة. كذلك وضعكم هذا الفريق في موقفٍ شديد الحرج، إن لجهة المسارعة إلى تحديد موعد للاستشارات النيابية، ثم المسارعة إلى تأجيلها، مما أفسح في المجال لممارسة الضغوط على نواب الأمة، أو لجهة رفض مشاركتكم في القمة الثلاثية التركية- القطرية- السورية، التي انعقدت في دمشق لبحث الأزمة اللبنانية». وأضاف مخاطباً سليمان، أن «الانقلاب الجاري تنفيذه يستهدفكم كما يستهدف حرية لبنان واستقلال دولته ونظامه الديموقراطي. لبنان في خطر، والعيش المشترك برمته في خطر، ومسؤوليتكم كبيرة أمام الله والأمة والتاريخ. نحن لا نبحثُ عن حمايةٍ خاصة بنا... فمصيرنا وجميع اللبنانيين واحد، والتهديدُ لا يخيفنا. السلاح الميليشيوي الذي اختبرناه طويلاً لم يعد يخيفنا. والأصابع المرفوعة لا تخيف الأحرار». وأكد المجتمعون في بيانهم رفضهم أن «تضع ميليشيا مسلحة يدها على الدولة والبلاد. لن نقبل تغيير وجه لبنان وتحويلَ النظام فيه الى دكتاتورية قائمة على التعصُّب الديني شبيهة بتلك التي يعاني منها الشعب الإيراني. لن نقبل العودة إلى زمن الوصاية التي انتفضنا ضدّها وأسقطناها»، مضيفاً: «نحن، دعاةَ العيش بسلام في كنف دولةِ الحريةِ والسيادةِ والقانون، في كنف دولة مدنية لا تميز بين مواطن وآخر، وفي ظلّ العيش المشترك الذي فيه وحدَهُ احترامُ الذات واحترامُ الآخر المختلف. لا نرضى بأن نكون أهلَ ذمة لحزبٍ فئوي أو دولةٍ خارجية». وأكد المجتمعون أنهم يبحثون عن «حمايةٍ لوطننا في وجه ظلاميةٍ ايرانية زاحفة... من حقّنا وحقّكم أن نضع العالم أمام مسؤولياته، فنحن لا نواجه قوى محلية، في صراعٍ على السلطة، بل نواجه مشروعاً اقليمياً لتغيير وجه لبنان وجعله دولة مارقة». ورأى عضو «كتلة المستقبل» النيابية نهاد المشنوق في حديث إلى «ال بي سي»، أن «الحديث الذي يجرى الآن هو حديث انقلاب وليس مشاورات طبيعية، لأن كل الأحداث التي جرت هي لإفهام من لا يفهم أننا مستعدون للقيام بخيارات عسكرية كبرى»، مؤكداً أن «هناك ضغوطاً سياسية، وليس بالضرورة أن يكون جنبلاط قادراً على تنفيذ ما وعد به من ناحية عدد الأصوات التي سيمنحها للمعارضة». وقال: «لا أعتقد أن سورية مستثناة من الحل العربي، فهي كانت وستبقى جزءاً من الحل العربي، وإلا تكون أخذت خياراً لا أراه في مصلحتها، فما مصلحة سورية في العودة إلى 2004؟». ورأى أن «القيادة السورية حتى الآن لم تتعود ولا قبلت ولا فهمت انه حصل تغيير جدي في لبنان منذ السنوات الخمس الماضية، ولا يزالون يتصرّفون بشكل أو بآخر أنها منطقة نفوذ أميركية يمكن الضغط من خلالها على أميركا»، مضيفاً: «أنا من المقتنعين تماماً بأن الاستقرار في لبنان لا يمكن أن يكون إلا مع سورية، لكن على سورية أن تغير نظرتها تجاهنا»، وقال: «أكدنا أكثر من مرة رغبة لبنان في رفض أن يكون جزءاً من أي تهديد للأمن القومي السوري». وعن الوثيقة التي أبرزها جنبلاط وقال إنها موقعة من رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، لفت المشنوق إلى أنه «لو عرضت الورقة على أي منا لم يكن ليناقشها أو يوافق عليها، فالورقة بقيت بين الملك عبد الله والسيد حسن نصر الله والرئيس الحريري، والاستقرار في لبنان يحتاج إلى أمرين، الاستقرار لا يعني التخلي عن كرامتك، والتفاهمات يجب العودة فيها إلى منطق الدولة». المعارضة في المقابل، دعا وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال فادي عبود في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» قوى 14 آذار إلى «الاحتكام إلى اللعبة الديموقراطية والدستورية». ولفت إلى «أهمية السير بالاستشارات النيابية المحددة وعدم تأجيلها»، داعياً قوى 14 آذار إلى «الانضمام إلى حكومة وفاق وطني تتولى قوى 8 آذار تشكيلها»، مؤكداً أن «هذه الحكومة لن تعرف سياسة التعطيل التي دأبت عليها حكومة تصريف الأعمال». وأكد أن «أي تأجيل للاستشارات النيابية الملزمة غداً لن يؤدي إلى تغييرات جذرية وما كتب قد كتب». وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية علي بزي في احتفال تأبيني في تبنين، أن «المحاكم الدولية لم تدخل إلى بلد إلا وخربته»، داعياً الجميع إلى «الاحتكام للمسار الديموقراطي والدستوري في مقاربة الاستحقاقات الوطنية والدستورية». واستغرب «إمعان البعض بإطلاق العنان لجوقات التحريض الطائفي والمذهبي»، مؤكداً أن العمل السياسي ليس كاريتاس «فكما تراني يا جميل أراك». وأكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن «يدنا ممدودة على قاعدة قطع الطريق على المشروع الأميركي»، سائلاً: «هل ظنوا أننا سنسكت على مؤامرة استخدام المحكمة سلاحاً في وجهنا؟». وقال قاووق في احتفال تأبيني إن «المواجهة التي تخوضها المعارضة حالياً ليست من أجل تحقيق مكاسب سياسية أو تحدياً لأي مذهب أو طائفة أو فريق أو حزب سياسي»، وشدد على أن «المقاومة لا تهتم بالحصول على حصة في الحكومة إنما همها الأكبر والأسمى هو حماية الكرامة والدفاع عن لبنان». ولفت إلى أن «فضائح التسجيلات الصوتية والمقايضات السياسية هي تأكيد لخلفية المحكمة الدولية باعتبارها مجرد أداة ابتزاز وجسر لعبور الأهداف الإسرائيلية إلى لبنان». وأضاف: «أخطأوا بالحسابات من خلال الوساطات والحوارات الإقليمية والمحلية، واليوم الدول الكبرى والمعنية كلها باتت تتعاطى على أساس معادلة أن ما بعد القرار ليس كما قبله»، وتابع: «لا نريد أن نؤذي أحداً. نريد أن تبقى يدنا ممدودة لكل اللبنانيين ولكن على قاعدة قطع الطريق أمام المشروع التآمري الأميركي والأهداف الإسرائيلية التي تتسلل إلى لبنان تحت ستار المحكمة».