أظهرت بيانات حكومية أمس أن المستهلكين البريطانيين شهدوا أطول موجة انخفاض في قدرتهم الشرائية منذ سبعينات القرن الماضي، أي منذ نحو 50 سنة، ولكن هناك مؤشراً على أن الاقتصاد ربما اكتسب بعض الزخم أخيراً. وتعطي الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية صورة قاتمة للمستهلكين الذين يواجهون الصدمة المزدوجة الناتجة عن تباطؤ نمو الأجور وارتفاع التضخم الذي يرجع لأسباب عديدة، على رأسها انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني منذ التصويت لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأكد مكتب الإحصاءات الوطنية أن «الدخل القابل للإنفاق، المعدل في ضوء التضخم، انخفض للربع الثالث على التوالي»، عازياً ذلك في جزء منه إلى توقيت دفع الضرائب. وتمثل موجة الانخفاض أسوأ موجة من نوعها منذ سبعينيات القرن الماضي. وهبط معدل الادخار إلى أدنى مستوياته على الإطلاق عند 1.7 في المئة. ويترقب «بنك انكلترا» المركزي مؤشرات على تسارع الاقتصاد بعد بداية ضعيفة خلال العام الحالي، في وقت يسعى إلى تحديد موعد زيادة أسعار الفائدة للمرة الأولى في 10 سنين. وأكد المكتب أن الاقتصاد نما 0.2 في المئة فقط خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالربع السابق، ليسجل بذلك تباطؤ حاداً مقارنة بوتيرة النمو في الربع الأخير عام 2016 والبالغة 0.7 في المئة على أساس ربع سنوي. وتوقع بنك إنكلترا المركزي ارتفاع وتيرة النمو إلى 0.4 في المئة خلال الربع الثاني، على رغم النتائج غير الحاسمة للانتخابات العامة التي أجريت الشهر الماضي. وأشار إلى أنه قد يبدأ رفع أسعار الفائدة إذا زادت الصادرات والاستثمار خلال الأشهر المقبلة. ولفت المكتب إلى أن قطاع الخدمات المهيمن على اقتصاد بريطانيا، نما بوتيرة شهرية بلغت 0.2 في المئة في نيسان (أبريل) الماضي، بما يقل قليلاً عن مستواه في آذار (مارس). لكن نمو القطاع في ثلاثة أشهر حتى نيسان، بلغ 0.2 في المئة ارتفاعاً من 0.1 في المئة خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي. وأضاف أن استثمارات الشركات زادت 0.6 في المئة على أساس ربع سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، من دون تغيير عن التقديرات السابقة وبما يعوّض جزئياً انخفاضاً في الربع السابق. وأكد أن عجز ميزان المعاملات الجارية زاد إلى 16.9 بليون جنيه إسترليني (22.04 بليون دولار) خلال الربع الأول، بما يعادل 3.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعاً من 2.4 في المئة خلال الربع السابق. ويعزا ارتفاع العجز إلى ضعف أداء الميزان التجاري البريطاني مطلع العام الحالي، وإن كان العجز جاء أقل قليلاً من متوسط التوقعات البالغ 17.3 بليون جنيه في استطلاع أجرته وكالة «رويترز» لآراء عدد من الخبراء الاقتصاديين. وفي إطار تفاصيل النمو الإجمالي للاقتصاد أوائل العام الحالي، أكد «مكتب الإحصاءات الوطنية» أن إنفاق المستهلكين نما بوتيرة أبطأ مقارنة بنهاية عام 2016، ليرتفع 0.4 في المئة مقارنة ب0.7 في المئة. وانخفض الدخل الحقيقي القابل للإنفاق 1.4 في المئة على أساس ربع سنوي، وهو ثالث هبوط على التوالي والتراجع الأكبر منذ الربع الأول عام 2013.