قالت الولاياتالمتحدة الأميركية إن تحذيرها دمشق من شن هجمات بأسلحة كيماوية جاءت بعد رصد «طائرات معينة في حظيرة محددة نعرف ارتباطها باستخدام أسلحة كيماوية»، و «أنشطة غير طبيعية» في مواقع ربما تخفي فيها دمشق أسلحة كيماوية مصنعة حديثاً. وأكدت واشنطن أن «جميع الوكالات المعنية شاركت في تقويم التحركات السورية منذ البداية». وانضمت فرنسا وبريطانيا إلى الجهود الأميركية للاتفاق على «استجابة مشتركة» في حالة شنت القوات النظامية هجوماً بالأسلحة الكيماوية، وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الأميركي دونالد ترامب دعاه فيه مع زوجته ميلانيا إلى حضور احتفالات 14 تموز (يوليو)، واتفقا على رد مشترك. وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون إن حكومته ستدعم عملاً أميركياً لمنع هجوم بالأسلحة الكيماوية. وأضاف: «كما هو الحال دائماً في الحرب، العمل العسكري الذي نقوم به يجب أن يكون مبرراً، ويجب أن يكون قانونياً، ويجب أن يكون متناسباً، ويجب أن يكون ضرورياً». غير أن روسيا شككت في التقارير الأميركية، نافية أي علم بأي تهديد سوري محتمل باستخدام الأسلحة الكيماوية. وحذرت موسكو من «تصعيد عسكري أميركي» يتم التحضير له، ووصفت التهديدات الموجهة إلى سورية ب «غير المقبولة»، بعدما حذر البيت الأبيض الرئيس بشار الأسد من أنه «سيدفع ثمناً فادحاً» هو وجيشه إذا شن هجوماً بالأسلحة الكيماوية. وكانت لافتة أمس، زيارة الأسد للمرة الأولى «قاعدة حميميم» العسكرية الروسية، حيث التقى الجنرال فاليري غيراسيموف رئيسَ هيئة الأركان الروسية وبحث معه في التعاون العسكري والحرب على «داعش» و «النصرة» ومناطق «خفض التوتر». وقال جيف ديفيز الناطق باسم «البنتاغون» إن واشنطن رصدت استعدادات سورية لما يبدو هجوماً محتملاً بأسلحة كيماوية في مطار الشعيرات، وهو المطار ذاته الذي هاجمته واشنطن في نيسان (أبريل) الماضي. وأوضح: «انطوى ذلك على طائرات معينة في حظيرة طائرات محددة نعرف أنهما مرتبطان باستخدام أسلحة كيماوية». وأضاف أن واشنطن رصدت الأنشطة المقلقة قبل «يوم أو يومين». وأكد البيت الأبيض أنه عمل مع جميع الوكالات «المعنية» قبل تحذير دمشق. وقالت سارا ساندرز الناطقة باسم البيت الأبيض: «أي تسريبات مجهولة تفيد بعكس ذلك غير صحيحة». وقالت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة نيكي هايلي، إن الإدارة أصدرت تحذيرها بعدما شاهدت استعدادات مماثلة لأنشطة حدثت قبل هجوم نيسان الماضي. وأكدت أن الإدارة لم تقصد بتحذيرها الحكومة السورية فقط وإنما روسيا وإيران أيضاً. وأضافت: «أعتقد أن الهدف في هذه المرحلة ليس فقط إرسال رسالة للأسد ولكن أيضاً رسالة لروسيا وإيران مفادها أنه إذا حدث ذلك مجدداً فإننا نحذركم رسمياً». وقال مسؤول أميركي مطلع على المعلومات لوكالة «رويترز»، إن ضباط الاستخبارات من الولاياتالمتحدة والدول المتحالفة معها كانوا حددوا منذ فترة عدة مواقع اشتبهوا بأن الحكومة السورية ربما تخفي فيها عن المفتشين أسلحة كيماوية مصنعة حديثاً. واستند التقويم في جزء منه إلى المواقع وإجراءات الأمن المحيطة بهذه المواقع المشتبه فيها ومعلومات أخرى رفض المسؤول الإفصاح عنها، لكنه أوضح أن تحذير البيت الأبيض استند إلى تقارير جديدة عما وصف بأنشطة «غير طبيعية» قد تكون مرتبطة باستعدادات لهجوم كيماوي. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه، إن معلومات الاستخبارات لم تعتبر قاطعة، لكن واشنطن قررت توجيه تحذير علني للقيادة السورية في محاولة لردع هجوم من هذا النوع. وذكر موقع الرئاسة السورية على الإنترنت، أن الجنرال فاليري غيراسيموف كان في استقبال الأسد في «قاعدة حميميم» العسكرية التي باتت منذ بدء الحملة الجوية الروسية في سورية قاعدة جوية للعمليات الروسية. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان، أن غيراسيموف الذي «يقوم بزيارة عمل إلى سورية، التقى الأسد في القاعدة الروسية للبحث في تنسيق تحركات القوات السورية المدعومة بالطيران الروسي في مواجهة الإرهاب»، كما تطرق النقاش إلى «تطبيق نظام وقف النار في إطار اتفاق تأسيس مناطق خفض التوتر». وزاد البيان أن الرئيس السوري قام خلال «الزيارة القصيرة إلى القاعدة الروسية بجولة تعرف خلالها إلى إمكانات مقاتلة «سوخوي35 وغيرها من التقنيات العسكرية الروسية في القاعدة». ميدانياً، وفي موقف من شأنه أن يعزز أزمة الثقة بين أنقرةوواشنطن في ملف أكراد سورية، ترك وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الباب مفتوحاً أمام احتمال تقديم مساعدات عسكرية مستقبلية ل «وحدات حماية الشعب» الكردية، قائلاً إن الولاياتالمتحدة ربما تحتاج إلى إمداد «وحدات حماية الشعب» بأسلحة ومعدات حتى بعد استعادة الرقة من «تنظيم داعش». وفي نيويورك، صوتت الدول الغربية الثلاث الدائمة العضوية في مجلس الأمن على «عدم تقيد الحكومة السورية» بمناطق خفض التوتر، لاسيما في درعا والغوطة، في وقت شكك المندوب الروسي خلال مشاورات مغلقة، في قدرة وفود المعارضة السورية على الانخراط في العملية السياسية «في ظل انقسامها». وأبلغ المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي مستورا مجلس الأمن، رداً على سؤال من المندوب الروسي، أن «انقسام المعارضة السورية» لا يزال يعد مشكلة في الإعداد للمفاوضات السياسية، مشيراً إلى أنه يواصل مساعيه «لجمع وفود المعارضة الثلاثة ضمن وفد واحد، على الأقل ضمن الآلية التقنية التشاورية على مستوى الخبراء» لبحث مراجعة الدستور.