تؤكد أخبار مهرجان روتردام الدولي بأنه تجاوز ازمته المادية، التي كان يتعثر بها قبل انعقاد دورة العام الماضي، وبعد ان انسحب بعض الرعاة الكبار للمهرجان. فقد أعلنت إدارة المهرجان قبل ايام قليلة فقط بانه ضمن وللسنوات الأربع المقبلة على دعم اثنتين من اكبر الشركات في هولندا، هما شركة السكك الحديد الهولندية وإحدى شركات الاتصالات الكبرى في البلد. كذلك يبدو ايضاً أن خطط غلق بعض الصالات السينمائية الفنية القريبة من موقع المهرجان، والتي ترددت أخبارها في العامين الماضيين قد تأجلت، بل ان هناك صالة إضافية للسينما الفنية ايضاً قد فتحت أبوابها قبل أيام قليلة من بدء الدورة القادمة من المهرجان. الصالات لن تكون ابداً مشكلة الدورة الأربعين من المهرجان والتي ستنطلق من السادس والعشرين من الشهر الجاري الى السادس من شباط (فبراير). فإدارة المهرجان والتي تعد لدورة احتفالية كبرى لهذا العام، أعلنت انها ستستعين بحوالى 40 مبنى من المباني العامة، ومنها مبان ثقافية ومتاحف موجودة في مدينة روتردام، لاستضافة البرنامج الكبير لهذا العام. والذي يتميز بتنوعه وتوسعه. فعدد العروض العالمية او الدولية الأولى لهذه الدورة تجاوز السنوات الماضية، حيث أعلن ان تظاهرة «مستقبل واعد» والمخصصة للأفلام الأولى او الثانية للمخرجين ستضم هذا العام 82 فيلماً من 38 بلداً، اضافة الى 14 فيلماً أولاً او ثانياً تم اختيارها لمسابقة الافلام الطويلة للمهرجان والمعروفة بجوائز «النمر». من الافلام التي ستعرض في مسابقة المهرجان للسينما الروائية الطويلة: المكسيكي «اليسيا، الذهاب هناك» للمخرجة إليسيا ميلير في عملها الاول، والذي يقدم رحلة فتاة من المكسيك الى الارجنتين من اجل تحقيق حلمها بالعمل كبهلوان، وفيلم «كروميزيكيا» للروسي فلادمير كوت، هو كوميديا من روسيا المعاصرة، ويقدم بشكل متوازي حياة صديقين قديمين من ايام المدرسة الابتدائية، فيلم «الفصول الممطرة» للإيراني مجيد بارزقار، ويقدم الفيلم الريف الايراني من طريق متاعب مراهق يجد نفسه تائهاً بين مشاكله الخاصة وتلك التي سببها طلاق والديه في بيئة محافظة، فيلم «السماء فوقنا» للمخرج البرازيلي سيرجو بورغوس، ويتبع الفيلم الذي يجمع بين التوثيق والدراما حياة عاهرة شابة في البرازيل، الفيلم السيرلانكي «السمكة الطائرة» للمخرج سانجيوا بوشباكومورا، ويقدم فيه الآثار النفسية التي تسببها الحروب الاهلية في البلد. وفيلم «الشباب الضائع» للمخرجين اليونانين ارغايز باباديميتريبولس ويان فوجيل. ويقدم هذا الفيلم والذي سيفتتح المهرجان يوميات مراهقين في العاصمة اليونانية أثينا خلال فصل الصيف، مع قصص صغيرة عن المجتمع اليوناني الحالية. سمعة طليعية هذا الاهتمام بالسينما الجديدة والذي تؤكده قائمة افلام هذا العام هو الذي يمنح مهرجان روتردام الذي يعد الأكبر في العالم للسينما المستقلة وسينمات العالم الثالث، تلك السمعة الطليعية المعروفة بين العديد من المخرجين الشباب في العالم، فهذه السينما «المجهولة» هي التي تشكل المتن في المهرجان ولجمهوره، والذي تجاوز عدده في العام الماضي 400 الف متفرج، ليضعه والى جانب مهرجان برلين السينمائي من اكثر المهرجانات الاوروبية في عدد الزوار، من هنا ليس غريباً ان تنجح دورة المهرجان في الحصول على العروض العالمية الاولى لثمانية عشر فيلماً، اضافة الى 11 فيلماً في عروضها الاوروبية الاولى. ومع عروض الأفلام الروائية الأفلام الاولى او الثانية، يواصل المهرجان تنظيم تظاهرة «سينييمارت» التي تجمع المخرجين والمنتجين وشركات الانتاج، اضافة الى تنظيم دورة «مختبر روتردام « والمخصصة للمنتجين الشباب حول العالم. وسيتم الاعلان وفي تقليد متبع منذ سنوات، عن اسماء المخرجين الذين وقع الاختيار عليهم لمنح صندوق دعم «هوبيرت بالس»، والذي ساهمت الاموال التي منحها في الاعوام القليلة الماضية في انتاج العديد من افلام الدورة الاربعين. ومن الافلام العربية الطويلة التي ستعرض في المهرجان: الفيلم العراقي «كرنتينا»، ويعرض الفيلم وهو الثاني للمخرج العراقي عدي رشيد ضمن تظاهرة «مستقبل مشرق». وكان الفيلم، والذي يتعرض لفترة العنف الذي اجتاح العراق في سنوات بعد حرب 2003 قد عرض لاول مرة في الدورة الاخيرة لمهرجان ابو ظبي السينمائي. وفيلم «الحاوي» للمخرج المصري ابراهيم البطوط، والذي حصل مع اول عروضه العالمية في مهرجان ترابيكيا في قطر على جائزة افضل فيلم عربي. خارج الموضة إضافة الى السينما الجديدة، يقوم المهرجان بعرض العديد من افلام المخرجين المتمرسين في تظاهرة «الطيف» السنوية، إضافة الى عدة برامج لهذا العام هي: خارج الموضة، ويتضمن عدة عروض أزياء وأفلام إضافة الى ورش عمل تحاول ان تقترب من علاقة السينما بالموضة، وكيف تفاعلا طوال عمر السينما. وهناك تظاهرة «الغربي الأحمر» والتي تستعيد بعضاً من الأفلام التي تم إنتاجها في الدول الشيوعية السابقة كرد على افلام «الكابوي» الأميركية والتي رفضتها الشيوعية ليمينيّتها وتمجيدها الأفكار الأميركية الفردية. وفي محاولة للتقرب من ظاهرة الاستثمار الاقتصادي الصيني والثقافي في القارة الأفريقية، كلف المهرجان سبعة مخرجين أفريقيين بالسفر الى الصين وإنجاز أعمال قصيرة عن البلد الآسيوي، الذي بدأ نفوذه بالتغلغل الى الحياة اليومية العادية في الدول الأفريقية. هذه الأفلام ستعرض ضمن تظاهرة «مداهمة أفريقيا». وتواصلاً مع اهتمام المهرجان بالقارة الآسيوية، ستخصص هذا العام تظاهرة خاصة بفنون القتال الصينية والتي ظهرت في أفلام آسيوية عديدة بخاصة في بداية السبعينات من القرن الماضي. وتخصص الدورة الأربعين لمهرجان روتردام 3 برامج لعروض مخرجين «مدهولين» هم: الفرنسي أف. جي. اوسانغ والذي تميزت بعض أفلامه الماضية بتقديمها موضوع الخيال العلمي بسوداوية إضافة الى حضور الموسيقى وخاصة موسيقى البوب الأوروبية في أفلام المخرج، الإسباني اجستيه فيلارونجا، والذي يعرف عنه اهتمامه الشديد في التفاصيل في الأفلام التي تجمع قصص الرعب والقصص الإنسانية الخاصة، والأميركي ناثيل دورسكي، والذي يعتبر أحد ابرز المخرجين الطليعيين الأميركيين، وحصلت أفلامه القصيرة على تكريمات عدة مهرجانات سينمائية عالمية. كذلك وضمن الاحتفال بالدورة الأربعين يخصص المهرجان برنامج كامل بعنوان «اكس لارج» للأطفال حيث سيعرض العديد من الأفلام القصيرة وأفلام الرسوم المتحركة. وفي تجربة جديدة في المهرجانات السينمائية، ينظم مهرجان روتردام مشروع «إعادة شحن السينما»، حيث سيكلف المشروع 3 مخرجين لتنفيذ أفلام قصيرة، ليقوم زوار المهرجان والمتابعين عبر موقع خاصة على شبكة الانترنيت بمتابعة مشاريع الأفلام القصيرة التي يقوم المخرجون بتحقيقها وإبداء آرائهم بالمشاريع، وأيضاً المساهمة في دعم هذه المشاريع ماديا، خاصة ان بعضها مازال ينتظر المال الكافي لبدء العمل بها.