لم يتحرك جهازا الاستخبارات (شاباك) والشرطة الإسرائيليان في السنوات الأخيرة لوضع حد للاعتداءات المتكررة التي يقوم بها غلاة المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية والمساجد والممتلكات تحت مسمّى «تدفيع الثمن»، مثلما تحركت في الأيام الأخيرة عندما تواترت هذه الاعتداءات على فلسطينيين داخل إسرائيل وعلى المساجد والكنائس ومختلف الممتلكات، وآخرها أمس حيث ظهرت كتابات جديدة ضد المسيحيين وأخرى عنصرية الجمعة في القدسالمحتلة، فيما أعلنت الشرطة أمس أنها ألقت القبض في الأيام الأخيرة على عدد من المعتدين وهم مستوطنون في الضفة الغربية، مطالبةً الحكومة بتشريع قانون يعتبر هذه العمليات «إرهابية» وليست مجرد أعمال جنائية خفيفة. وأشار مراقبون إلى ان مردّ «صحوة» المؤسسة الأمنية هو مخاوفها من أن تتزايد هذه الاعتداءات في الأيام المقبلة قبل زيارة البابا فرنسيس الأول للأراضي المقدسة، بعد أسبوعين، بهدف تخريب الزيارة وخشية «تسويد» سمعة إسرائيل في الخارج. وكانت الاعتداءات الأخيرة، التي بات يطلق الإسرائيليون عليها «جرائم الكراهية»، طاولت كنائس في أنحاء إسرائيل وفي القدسالمحتلة أيضاً، فأشعلت الضوء الأحمر لدى الشرطة «التي تتأهب مع جهاز شاباك لمنع جرائم الكراهية في ظل زيارة البابا»، كما أفادت صحيفة «هآرتس» في عنوانها الرئيسي أمس. وأضافت الصحيفة ان ثمة تقديرات لدى الشرطة و»شاباك» بأن تتم محاولات للتخريب على زيارة البابا للأراضي المقدسة «من خلال جريمة كراهية كبيرة تستهدف مسيحيين او أماكن مسيحية مقدسة بقصد لفت الأنظار». وأصدر مكتب القاصد الرسولي في القدسالمحتلة بياناً خاصاً قال فيه إن ثمة أجواء إرهابية وتحريضاً خطيراً على الكنيسة وأبنائها والفاتيكان. ودعا الجهات المعنية في إسرائيل إلى التحرك السريع ضد العناصر المتطرفة. من جهته استبعد وزير الأمن الداخلي اسحاق أهارونوفتش أن ينجح المتطرفون في «تعكير صفو زيارة البابا»، لكنه أضاف أن الشرطة بحاجة إلى تفويض من الحكومة ليتم التعامل مع أفراد المجموعة التي تقوم بهذه الأعمال ك»إرهابيين» ومنحها الوسائل «التي يستخدمها الجهاز الأمني مع المخربين، إضافة إلى صلاحية الاعتقالات الإدارية»، لا أن يتم تقديمهم للمحاكمة بتهمة تخريب ممتلكات فقط. وأضاف في حديث للإذاعة العامة أن تسلل هذه العمليات الى داخل إسرائيل «يهدد التعايش بين اليهود والعرب فيها». وتابع أنه أعطى تعليماته لقادة الشرطة بتكثيف نشاطهم بمحاذاة الكنائس ومختلف الأماكن المقدسة، «حيث نتوقع أن يقوم المتطرفون بأعمال تسيء لإسرائيل في الحلبة الدولية». وانتقد زعيم المعارضة اسحاق هرتسوغ «قلة حيلة» أجهزة الأمن في إلقاء القبض على المعتدين، مشيراً إلى أن المتطرفين نفذوا في السنوات الأخيرة أكثر من 700 اعتداء على فلسطينيين وأماكن عبادتهم وممتلكاتهم في الضفة الغربية وفي إسرائيل، مضيفاً أنه يعتقد بأن هناك شبكة محترفة من مرتكبي هذه الجرائم. وحذر من ان تؤدي هذه الأعمال الى سفك الدماء، مطالباً هو أيضاً بأن يتم التعامل مع هذه الظاهرة «على غرار ما يجري في اطار مكافحة الارهاب». وحذر المعلق العسكري في «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان من أن يرد العرب في إسرائيل على الاعتداءات على أماكن عبادتهم بعنف مماثل خصوصاً بعد أن أقاموا فرق حراسة لها. وتساءل عن صمت رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو وتعاطي المؤسسة القضائية مع المعتدين بقفازات من حرير. ودعا الكنيست إلى تشريع قانون «يعتبر هؤلاء الفوضويين إرهابيين». كما طالب المستشار القضائي للحكومة بأن يلقي بكل ثقله لتقديم لوائح اتهام ضد المعتدين، لكنه شكّك في أن يتم القيام بهذه الخطوات «في ظل وجود حكومة تعاني انفصام شخصية. فهي من جهة تدرك الخطر الكامن، ومن جهة أخرى تبدو مشلولة خوفاً لعلمها بأن التعاطي بيد من حديد مع اليمين المتطرف يعني خسارة شعبيتها في الشارع اليميني». واضاف أنه «لو كانت لدينا حكومة طبيعية في دولة طبيعية ترغب في الحياة، لقام رئيسها بزيارة تضامنية لقرية عربية لحقها أذىً من اليهود، ويعرب عن رأيه بما يحصل ويمارس كل صلاحياته ونفوذه. لكن عندنا يفضل رئيس الحكومة أن يظهر في مقابلة تلفزيونية في برنامج ساخر، على أن يقوم بزيارة كهذه». في غضون ذلك، ظهرت (أ ف ب) كتابات جديدة ضد المسيحيين وأخرى عنصرية الجمعة في القدسالمحتلة. وكتب على جدار كنيسة القديس جاورجيوس الرومانية قرب الحي اليهودي الارثوذكسي في القدس «الثمن الذي يتعين دفعه، داود الملك لليهود ويسوع قذر». وكتبت عبارة «الموت للعرب» على منزل في القدس القديمة ورسم الصليب النازي المعقوف على جدران شقة في القدس الغربية، الجانب الاسرائيلي من المدينة المقدسة. وتحت شعار «الثمن الذي يتعين دفعه»، كثف مستوطنون متطرفون وناشطون من اليمين المتطرف في الاشهر الاخيرة الاعتداءات على الفلسطينيين والعرب الاسرائيليين، رداً على قرارات حكومية اعتبروا انها تتضارب مع مصالحهم او على اعمال نسبت الى فلسطينيين. وتشمل تلك الهجمات تخريب وتدمير ممتلكات فلسطينية واحراق سيارات ودور عبادة مسيحية واسلامية وإتلاف او اقتلاع اشجار زيتون. ونادراً ما يتم توقيف الجناة. وأعرب الاساقفة الكاثوليك في الاراضي المقدسة الاربعاء عن «قلقهم الشديد لانعدام الامن وغياب التفاعل على المسرح السياسي» بعد وضع شعارات «الموت للعرب والمسيحيين» على مبنى للفاتيكان قريب من القدس القديمة. وقالت بطريركية القدس للاتين ان «الاساقفة قلقون جداً (...) ويتخوفون من تصعيد لأعمال العنف».