قابلت قوى 8 آذار، الاعلان عن تسليم المدعي العام في المحكمة الدولية القاضي دانيال بلمار القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري الى قاضي الاجراءات التمهيدية القاضي دانيال فرانسين، بتوجيه «رسالة ميدانية» صباح امس، لم تقارب درجة الاخلال بالامن في مدينة بيروت وانما كانت كفيلة بتوتير اجوائها وبث القلق بين سكانها. وكانت مجموعات من الشبان يرتدون ازياء سوداً ويعتمرون قبعات من اللون نفسه وبعضهم كان ملثماً وجاء على دراجات نارية من ناحية ضاحية بيروت الجنوبية، توزعوا عند تقاطعات طرق في العاصمة لا سيما في المنطقة الممتدة بين الطيونة ورأس النبع وزقاق البلاط والبسطة وبشارة الخوري وتلة الخياط وبربور وصولاً الى طريق المطار، وذلك بين الخامسة والسابعة صباحاً، وبعضهم كان مزوداً بأجهزة اتصال لاسلكية، واثار وجودهم تساؤلات العابرين الى مدارسهم واشغالهم، وذكر ان عناصر من الجيش استفسروا من هؤلاء الشبان عن سبب تجمعهم فرد بعضهم بأنهم يريدون الذهاب في رحلة ولم يقدم آخرون تفسيراً، ولدى انتشار الخبر عبر وسائل الاعلام المحلية والعربية، حصلت بلبلة بين الاهالي وادارات المدارس خصوصاً ان هذه الخطوة اعادت بهم الذاكرة الى احداث 6 و7 ايار(مايو) 2008. وقررت المؤسسات التربوية لا سيما تلك الموجودة في المناطق التي سجلت فيها التحركات اغلاق ابوابها واعادة التلامذة الى منازلهم، ما تسبب ببلبلة بين الاهالي، وذكر تلامذة كانوا في باص يمر في محلة بربور اوقفه عناصر مزودون بأسلحة فردية ان الشبان طلبوا من السائق اعادة التلامذة الى منازلهم. وأغلقت مدارس في منطقة الاشرفية ايضاً فيما اتخذ قرار اقفال مدارس المقاصد الخيرية الاسلامية في بيروت على مستوى الجمعية نفسها، على ان مدارس في احياء اخرى مثل رأس بيروت لم تتأثر بالحادث، لكن الاهالي فضلوا اعادة اولادهم الى المنازل، اما في ضواحي بيروت فبقي العمل في المدارس كالمعتاد. وقالت مديرة ثانوية خالد بن الوليد هبة نشابة، ان مدرستها التي تقع في محلة البربير «أفرغت من الطلاب فمن أصل 1700 طالب لم يبق في مدرستي إلا أربعة. الاهالي أتوا وأخذوا الطلاب لانهم خافوا من أن تتطور الأحداث». ولفتت الى ان «هناك مدرستين أخريين، أقفلتا لأن التجمعات كانت بجانبهما». وذكر بيان موقع باسم «تجمع لجان الاهل في ثانويات ومدارس بيروت والضواحي» ان «ما حصل امام ثانويات ومدراس اولادنا من ترهيب وترويع وتهديد المديرين وانذارهم بضرورة اقفال مدارسهم لهو عمل مشين ومدان ويتعارض مع ابسط حقوق الانسان والطفل المكرسة في الشرائع الدينية والانسانية والاخلاقية». وعلى رغم ان التجمعات المذكورة انسحبت من الشوارع المذكورة بعد السابعة صباحاً، الا ان الجيش وقوى الامن الداخلي سارعوا الى اتخاذ اجراءات امنية، فقطعت الطريق المؤدية الى السراي الكبيرة مقر رئيس مجلس الوزراء والى دارة الرئيس رفيق الحريري في قريطم ودارة الرئيس سعد الحريري في وسط بيروت. وشوهدت دوريات للجيش واخرى لقوى الامن تجوب الشوارع، وتراجعت حركة السير في العاصمة وأقفلت بعض المتاجر والمحلات في الاحياء التي شهدت التجمعات لبعض الوقت. وكانت تدابير سير اخرى اتخذت من قبل قوى الامن الداخلي لجهة منع وقوف السيارات على جوانب طرق من المقرر ان يسلكها موكب رئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم ووزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو اللذين وصلا الى بيروت امس. وذكرت الوكالة الوطنية للاعلام (الرسمية) ان «القوى الأمنية من جيش وقوى امن نفذت انتشاراً مؤللاً وراجلاً في المنطقة التي ظهرت فيها التجمعات»، التي وصفتها ب «الشعبية». وذكرت «ان عدداً من الاهالي سارع الى اخذ اولاده من المدارس نتيجة البلبلة التي حصلت». وكثرت الاشاعات في وقت لاحق نهاراً، وبعضها ذكر ان التحركات المذكورة قد تستهدف مبنى بيت الاممالمتحدة في قلب بيروت وهو اساساً محاط بتدابير امنية منذ سنوات عدة، الا ان العمل في مؤسسات المبنى بقي على طبيعته امس، ولم يجر اخلاؤه من الموظفين، بل ان منظمة «إسكوا» بالتعاون مع مركز الأممالمتحدة للإعلام في بيروت اطلقت تقريراً عن «التوقعات الاقتصادية في العالم لعام 2011». مصادر بري وقالت مصادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري ل «الحياة» انه «بقي ساهراً حتى ساعة متقدمة من فجر امس، لاجراء اتصالات مع قيادات عدة ومع مسؤولين كبار، ولم ينم الا بعد ان اطمأن الى ان الشبان الذين انتشروا في الشوارع جرى لجم تحركهم وغادروا نقاط تجمعهم». وذكرت مصادر بري ان «تجمعات الشبان في عدد من الأحياء بدأت بعيد منتصف الليل اثر الاعلان عن تسلم المدعي العام بلمار القرار الاتهامي، واستمر حتى ساعات الصباح الاولى». وزير التربية يطمئن وطمأن وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة في تصريحات اعلامية المواطنين والطلاب والأهالي، إلى «عدم وجود ما يعيق الحياة التربوية، وأنه على رغم مما شهدوه من تجمعات شبابية في الشوارع لوقت قصير صباحاً، فإن المدارس مستمرة في عملها العادي». ودعا التلامذة إلى العودة إلى المدارس ومتابعة الدراسة بصورة طبيعية. «حزب الله» وتجنبت محطة «المنار» الناطقة باسم «حزب الله» في نشرتها بعد الظهر ذكر اي خبر عن الحادث، ورفضت مصادر قيادية في الحزب تأكيد أو نفي حصوله، كما قال موقع «ناو ليبانون» الالكتروني، إلا أنّ الموقع نقل عن مصادر قال انها «قريبة من الحزب تأكيد حصول مناورة ميدانية» في عدد من أحياء بيروت صباح امس. وهاب يحذر قوى الامن وحذر امس، رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب «القوى الأمنية من محاولات التعرض للناس إذا ما حاولت التعبير عن رأيها». وقال لمحطة «الجديد» ان «الوضع غير مستقر ولن نسمح لأحد باستباحة أعراضنا وأرضنا ومقاومتنا، ولماذا يحق لأهل تونس أن تواجه قوى الأمن وهنا ممنوع؟». وسأل: «هل هناك درك وقوى أمن داخلي، الجيش لن يتدخل ضد الناس وعند أي اعتداء على الناس لن نسكت عن مراكز قوى الأمن الداخلي، ولن نسمح لجاسوس مثل بلمار أن يعتدي على كرامتنا بهذه الطريقة. ولكنني متأكد من أن قوى الأمن لن تتحرك ضد الناس». وكشف انه «سيكون هناك تحرك شعبي ولن نكون كما غزة لأن على حدودنا (الرئيس السوري) بشار الأسد وليس (الرئيس المصري) حسني مبارك، ومصالحهم كبيرة في البلد ولن يغامروا بحصارنا على رغم أننا مستعدون لكل الاحتمالات، لكن هذه العصابة ستنتهي ولن يكون هناك أي مشكلة في البلد». وتوقع وهاب أن «تطول أزمة تشكيل الحكومة إلى ما يزيد عن عام، ولن تكشف المعارضة عن خططها لمواجهة هذه التداعيات بل سيكون ذلك بالتدرج يوماً بيوم، ولن يكون هناك سلاح». ردود فعل ولاقت التجمعات انتقادات من قوى 14 آذار، فيما نفى احد وزراء 8 آذار الحديث عن تجمعات، ووصف عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري في حديث الى موقع «14 آذار» الإلكتروني ما حصل «بالتصرف الميليشيوي غير المقبول والذي يزيد الأمور تعقيداً ولا يفيد احداً». وعن تدخل الجيش وانتشاره في معظم أحياء العاصمة، لفت الى «أن عناصر القوى الأمنية والجيش اللبناني كانت فعالة وانتشرت في الوقت المناسب، ولكن علينا ألا ننسى أنه في حال قرر الفريق الآخر استعمال العنف واللجوء الى الشارع في تحركاته، فهو يملك القدرة على ذلك». وأعتبر عضو الكتلة نفسها أحمد فتفت، أن «النزول الى الشارع كان منظّماً، وكان هناك أشخاص يقودون هذه الجموع، وهي رسالة للقول للجميع أنّهم مستعدون للذهاب الى أبعد من كلّ المحرّمات». ورأى في حديث الى «أخبار المستقبل»، أن ما حصل صباحاً يزيد أزمة الثقة». واعتبر عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية أنطوان زهرا في حديث الى «ال بي سي»، أن «التجمعات رسالة لتأكيد ان التحرك في الشارع احتمال كبير من جانب «حزب الله» في مواجهة مع الجميع لتحقيق مطالبه عبر الانقلاب وفرض السلاح». وفي المقابل، نفى وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال علي عبد الله، أن يكون لديه علم بما حصل موضحاً أن «ما نقل اليه لا يشير الى وجود مثل هذه التجمعات». وقال لإذاعة «لبنان الحر» أن «الأمن خط أحمر بالنسبة الى اللبنانيين، وما يقوله رئيس المجلس النيابي نبيه بري في هذا الإطار صحيح ومعمول به». واستغرب عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي خريس في حديث الى اذاعة «صوت لبنان» الحديث عن تجمعات مدنية أو شعبية، مؤكداً ان «هذا الموضوع ليس صحيحاً». ولفت الى ان «الخيار ليس خيار الشارع على رغم المؤامرة الكبرى».