أخوض إليك المنايا أخوض الحروب الطويلة وأعلم أني سأخسر في آخر الشوط ألقي سلاحي على قدميك وأغفو، كما جئت، مشتملاً في ثيابي وحول الشتاء التي خضتها كي أراك تنام على شفتيّ وما سال من جرح صدري ولم يندمل لم يزل سائلاً ...... ربما قلت: هذا وسام لموتك دوني ... ولكنني لم أشأ مغنماً جمالك سيدتي كان أكثر عمقاً من الموت وأبهى، كعرش تسلقت سلمه من دهور سحيقة كأن النمال التي خاطبت ذات يوم جيوش سليمان أعطته سر خطاك على الرمل وأن المزامير أوجعها ناي داود حين رأى خصرك المشتهى وقد كان ينقصني نصف هذا الكلام ونصف الحقيقة لأعبر نحو الذي لم يقله سواي ولكنني (واغفري لي) تعثرت فانفتحت بيننا فجوة وعراني الذهول لعل الجمال الذي لا يزال مقيماً على الأرض يلزمه (كي يقيم) الضحايا وكم مرة سال نحر السبايا على النهر، فازدهرت في العراق السيول وجاء إلى الشام من يحمل الصوت ... «ماتوا» رأيت مواكبهم إذ تميل مع الريح ترسم خطاً نحيلاً من الدم ترسم خط الحياة وكانت غزالاتهم تستدير على نفسها وهي (إذ تشرب الماء) كانت تشم الدماء وتهرب مذعورة في الفلاة وكان إذن لا مفر من الحرب.... سيدتي: كنت أبصر عينيك من هودج ضائع يضحكان مع الفجر لا أدعي أنني ما سمعت بكاء وأن الطبول التي قرعت لم تصبني وأن الرصاص مضى طائشاً كالذباب ولكنني، إذ رأيت الذي لا يراه سواي، اقتربت وقبلت عينيك حتى انتشيت وأبصرت شمسك في قلب قلبي وأسرفت في القرب أغريت كفي بما لا ينال وأغريت جسمي بعطر الأساطير... نامي قليلا لأستروح المشتهى من شذا شفتيك وغضي .... فإن السنونو تغادر أعشاشها وما كان من شجر وارف نام واحترقت في التراب الجذور وها انهم واقفون على الباب ........ ... ............... غضي فهم ميتون على الباب ثم اعبري مثلما واعدتك الوصايا ولا تتركي ما سكبناه في آخر الليل في كأسنا من نبيذ فقد عتق الحزن سيدتي وعراني إليك اشتياق الزنازين للضوء والمساكين للرحمة الغائبة وعراني ضنا المنشدين على غافيات السواقي ووجد المنيبين بين الصفا والمفام وها انني (جالساً فوق هذي الجبال) أقلب طرفي وأحرس بابين كي تلعبي حرة وكي تسرحي كالغزال على السهل أو تعبري بين نهرين عالية كالخيال ودانبة كالعناقيد في آخر الصيف حيث التقينا وقبلت أقدامك العارية 18/6/2017