انتقلت عدوى الانتحار حرقاً إلى مصر أمس عندما أقدم صاحب مطعم على إضرام النار في نفسه أمام مقر البرلمان في وسط القاهرة، فيما دعا المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي إلى انتقال سلمي للسلطة. وتأتي دعوته مع إعلان نشطاء معارضين عن تنظيم تظاهرات احتجاجية الثلثاء المقبل (25 من الشهر الجاري) بالتزامن مع احتفالات مصر بأعياد الشرطة. وفوجئ المارة في شارع القصر العيني في وسط العاصمة المصرية بوقوف رجل، تبين لاحقاً أنه يدعى عبده عبدالمنعم حمادة (49 سنة)، مردداً هتافات مناوئة للحكومة قبل أن يُقدم على سكب كميات من البنزين كانت بحوزته على جسده وإشعال النار. وتدخل بعض المارة لإطفاء النيران المشتعلة في حين استُدعيت سيارة إسعاف نقلته إلى مستشفى قريب من مجلس الشعب. وقال أحد الشهود ل «الحياة» إن الرجل وقف على رصيف مجلس الوزراء المقابل للبوابة الرئيسية لمجلس الشعب، وسكب على نفسه البنزين. مشيراً إلى أن النيران أمسكت بكل جسده، في حين سارع أفراد الشرطة المكلفين بحراسة البرلمان باستخدام طفايات الحريق لإطفائها ثم أدخلوه عربة إسعاف ابتعدت به إلى المستشفى. وأفيد أن الرجل يملك مطعماً للمأكولات الشعبية في منطقة القنطرة شرق التابعة لمحافظة الإسماعيلية (إحدى مدن قناة السويس). فيما أشارت مصادر مطلعة إلى أنه يعاني اضطرابات نفسية، وأنه كان يعالج في مستشفى الصحة النفسية في ضاحية العباسية (شرق القاهرة). ويرقد حمادة حالياً في مستشفى المنيرة، حيث أجريت له إسعافات أولية، قبل أن تُخضعه أجهزة الأمن للاستجواب. وأعلن مدير مستشفى المنيرة العام الدكتور محمد شوقي، في مؤتمر صحافي عقد أمس، أن حمادة يعاني من حروق في الوجه والرقبة والساقين، لافتاً إلى أن فترة العلاج ستطول يومين قبل التصريح بخروجه من المستشفى. وهيمن الحادث على المناقشات داخل أروقة البرلمان المصري بغرفتيه (الشعب والشورى)، أمس، إذ طالب زعيم الغالبية في مجلس الشورى النائب محمد رجب الحكومة بتقديم إيضاح للأمر أمام الرأي العام. لكن وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي أكد أن «الحادث بسيط»، مشيراً إلى أن عبده عبدالمنعم، وهو يقطن منطقة القنطرة غرب في الإسماعيلية، قام بإشعال النار في نفسه وهو يتحدث إلى رجال الأمن. وعقّب رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف مطالباً بالتعامل مع الحادث «بحجمه وحقيقته»، موضحاً أن الذي حدث أن أحد المواطنين يملك مطعماً في القنطرة ولديه مشكلة في حصته من رغيف الخبز، وكان لديه سخط من الجهة الإدارية، مؤكداً أن التحقيقات ستكشف الحقيقة، وأن الأمر لا يعدو كونه «مشكلة لمواطن» و «يجب أن نتعامل معها بحجمها». في المقابل، اعتبر رئيس مجلس الشعب فتحي سرور أن إقدام الرجل على خطوة الانتحار كان هدفها «إبلاغ شكواه إلى البرلمان». في موازاة ذلك، دعا الدكتور محمد البرادعي الذي عاد إلى القاهرة في شباط (فبراير) العام الماضي، إلى انتقال سلمي للسلطة في البلاد لتجنب وقوع اضطرابات على غرار ما حدث في تونس. واعتبر البرادعي، في رسالة بثها إلى أنصاره على موقعي «فيسبوك» و «تويتر» أن العنف في تونس الآن «ليس سببه ثورة الشعب، وإنما هو رد فعل على القمع». مطالباً السلطة في مصر بأن تعي أن التغيير السلمي هو الوسيلة الوحيدة لتجنب ما لا تحمد عقباه. في غضون ذلك، قالت حركة «شباب 6 أبريل» أنها بصدد تنظيم تظاهرات وفاعليات عدة أمام مبنى وزارة الداخلية في وسط القاهرة الثلثاء المقبل بالتزامن مع احتفالات أعياد الشرطة. وأشارت إلى أنها تلقت إفادات بأنه سيشارك في التظاهرات حركات احتجاجية في مقدمها حركة «كفاية» وأحزاب «العمل» و «الكرامة» و «الوسط» وأعضاء في جماعة «الإخوان المسلمين» و «الجمعية الوطنية للتغيير» (التي يرأسها البرادعي). وأوضحت الحركة في بيان: «نتظاهر احتجاجاً على الغلاء والفقر والتعذيب وغيرها من مشاكل اجتماعية». ودعت الحركة، التي يعود اسمها إلى إضراب دعت إليه في اليوم نفسه من العام 2008 وشهد أعمال عنف في مدينة المحلة الكبرى (دلتا النيل)، الشباب المصري إلى «مشاركتنا الاحتفال بيوم الشرطة ولكن على طريقتنا الخاصة»، مشددة على أنها لن تتخلى عن مطالبها الإصلاحية.