شهدت العاصمة التونسية مساء امس هدوءاً نسبياً يشوبه بعض الحذر، بعد اشتباكات مسلحة في العاصمة بين الجيش وعناصر من الامن الرئاسي. وترسخ الاعتقاد امس بان انصار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي يتولون بث الفوضى في البلاد، عبر اطلاق النار والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة. ما اضطر الجيش الى التدخل بقوة في العاصمة ومدن اخرى لوضع حد لهذا الفلتان. وواصل رئيس الوزراء المكلف محمد الغنوشي مشاوراته أمس مع عدد من الشخصيات المعروفة في البلاد للبحث في تشكيل حكومة وحدة وطنية خالية من الاحزاب المقربة من السلطة، يتوقع ان يعلنها اليوم، بحسب اوساط المعارضة. واستمرت القوات الأمنية في ملاحقة أعوان بن علي ونجحت في اعتقال بعضهم، وعلى رأسهم الجنرال علي السرياطي المدير السابق للأمن الرئاسي وقيس بن علي ابن اخ الرئيس المخلوع. وفي تطور لافت قتل قناصان بعد ظهر الاحد بيد الجيش وسط العاصمة مع اندلاع معارك احتدمت بين القوات النظامية وميليشيات مسلحة. وسمع مساء أمس تبادل اطلاق نار كثيف بين اشخاص مختبئين في مبان ورجال شرطة في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة قرب مقر وزارة الداخلية التونسية. وشهدت العاصمة التونسية بعد ظهر أمس اجواء حرب عصابات حيث واجهت القوات النظامية عناصر ميليشيا مسلحة يبدو انها موالية للرئيس المخلوع الأمر الذي عزز الاعتقاد بوقوف انصاره وراء مناخ الفوضى والانفلات الامني الذي تشهده البلاد منذ فراره الجمعة مع اعتقال اثنين من اقاربه. وجاء ذلك بعد اتهام القضاء للمرة الاولى الجنرال علي السرياطي، وعدد من مساعديه ب»التآمر على الامن الداخلي» في تونس. واعتقل الجيش عددا كبيرا من المسلحين، قيل ان بينهم اجانب. على الصعيد السياسي، صرحت الامينة العامة ل»الحزب الديموقراطي التقدمي» (معارضة) مايا جريبي ان «تشكيلة الحكومة الجديدة ستعلن الاثنين»، وذلك بعد اجتماع للاحزاب السياسية الرئيسية مع رئيس الوزراء المكلف. وقالت «اتخذ قرار بالتوافق على استبعاد الاحزاب المناصرة للحكومة (السابقة). وستتشكل الحكومة الجديدة من ممثلين لحركة التجديد والحزب الديموقراطي التقدمي والجبهة الديموقراطية للعمل والحريات ومن شخصيات مستقلة». وهذه الاحزاب الثلاثة كانت من ضمن المعارضة المعترف بها في البلاد. وتابعت ان «الانتخابات المقبلة ستراقبها لجنة مستقلة ومراقبون دوليون لضمان اجراء انتخابات حرة وشفافة» موضحة ان الاحزاب الثلاثة طلبت عفوا عاما عن جميع السجناء السياسيين. وتواصلت ردود الفعل العربية والدولية تواصلت ردود الفعل العربية والدولية على الأحداث في تونس. وأعرب العديد من الدول احترامها خيارات الشعب التونسي، ودعت التونسيين الى التكاتف، فيما انتقد الزعيم الليبي معمر القذافي الاطاحة ببن علي. كما أعربت اسرائيل عن قلقها من التطورات وتخوفت خصوصاً من صعود الاسلاميين في تونس. وقلل وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط من المخاوف من انتقال العدوى التونسية الى دول عربية اخرى واعتبر ذلك «كلاما فارغا»، موضحاً ان «لكل مجتمع ظروفه»، منتقداً «الذين يتصورون أوهاما ويحاولون صب الزيت وتأجيج المواقف» بأنهم «لن يحققوا أهدافهم والضرر سيلحق بهم أنفسهم». واتهم الوزير المصري «بعض القنوات الفضائية» العربية بانها «تسعى لالهاب المجتمعات العربية وتحطيمها وللاسف كلها فضائيات غربية أو غربية الميول» من دون ان يحدد هذه الفضائيات. الى ذلك، علم ان وزير الخارجية التونسي كمال مرجان يصل الاثنين أو الثلثاء الى شرم الشيخ للمشاركة في القمة العربية الاقتصادية.