توقع رئيس «الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية العراقية» حيدر العبادي، أن يحقق القطاع الزراعي طفرة نوعية نهاية العام المقبل، إذ سيحقق العراق اكتفاءً ذاتياً في معظم المحاصيل الاستراتيجية، خصوصاً محصول الحنطة، فيما يُرجح أن يصل الإنتاج من هذا المحصول خلال العام الحالي إلى أكثر من 3.65 مليون طن، ما يعني تغطية حاجة البلد بما نسبته 80 في المئة. وقال العبادي في حديث إلى «الحياة» إن «دعم الحكومة للقطاع الزراعي سيساهم كثيراً في تشجيع الفلاحين والمزارعين على تطوير حجم إنتاجهم ورفع مستوى غلة الدونم الواحد من هذا المحصول الحيوي». وأكد أن «الاكتفاء الذاتي من الغذاء يرتبط أساساً بالأمن الغذائي الذي يعزز الأمن الوطني»، لافتاً إلى أن «تجهيز القطاع الزراعي ببذور الرتب العليا لمحصول الحنطة المنتجة محلياً من الشركات المعنية، يساعد المزارع على الارتقاء بمستوى الإنتاج وتطوير الأصناف المنتجة محلياً، إضافة إلى أهمية الوفاء بالالتزامات التعاقدية مع المزارعين لتسديد مستحقاتهم المالية». وأوضح أن «الاتحاد وضع خطة شاملة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد لتطوير إنتاج القطاع الزراعي وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات عالية، من خلال تنمية الواردات غير النفطية، وعلى رأسها الآتية من قطاع الزراعة، إذ سيوفر نجاحه في توسيع قاعدة إنتاجيته مبالغ كبيرة من العملة الصعبة، تخصّص لاستيراد المواد الغذائية». وأشار إلى «برنامج مهم تنفذه وزارة الزراعة حالياً لرفع غلة الدونم الواحد لمحصول الحنطة والشعير، عبر اعتماد التوسع العمودي للمحصول، إذ خصصت مساحة تصل إلى ثلاثة ملايين دونم لتغطية عملية زراعة الحنطة». وقال إن «البرنامج يهدف إلى إنتاج أصناف وسلالات ذات جودة عالية وجيدة مقاومة للجفاف والملوحة»، مشيراً إلى أن «الملاكات العلمية التابعة للوزارة نجحت في استنباط أصناف مقاومة للملوحة، كما أن من بين الخطوات التي اتخذتها الوزارة لدعم هذا المشروع توفير منظومات ري للفلاحين ضمن برنامج المبادرة الزراعية وبأسعار مدعومة تمكن الفلاح من اقتنائها من خلال دفع 50 في المئة من سعرها، وتقسيط المبلغ المتبقي على مدى 10 سنوات، لتشجيعه على زراعة هذه المحاصيل والعمل ببرنامج لتعزيز موسم الحنطة، لاسيما أن من أبرز الخطوات المهمة لزراعة المحاصيل هي توفير البذور ذات النوعية الجيدة والأسمدة والخدمات». يذكر أن وزارة الزراعة ستُدخل نظام التسوية الليزرية للأراضي المستخدمة لزراعة محصول الحنطة لمعالجة مشكلة عدم تساوي الأراضي من حيث الارتفاع، وبالتالي ضياع المياه وعدم وصولها إلى كل المحاصيل المزروعة بالتساوي. وشدد العبادي على «أهمية اعتماد الأساليب الحديثة في زراعة الحنطة والشعير والرز والذرة الصفراء ومحاصيل أخرى، ونعمل لتأسيس شركات للإنتاج الزراعي والنباتي والحيواني يأخذ القطاع الخاص دوره القيادي فيها». وقال إن «تأسيس مثل هذه الشركات ستكون له نتائج ايجابية على مستوى دعم القطاع بشقيه النباتي والحيواني، مع الحاجة إلى إنشاء مشاريع خاصة بالتعبئة والتسويق، إضافة إلى حقول الدواجن وتسمين العجول وإنتاج محاصيل علفية ذات إنتاجية عالية». وعن تزايد الحاجة إلى استثمار المساحات الزراعية في العراق، قال العبادي إن «تقارير الخبراء والمعنيين تشير إلى إمكان وصول عدد سكان العراق عام 2040 إلى أكثر من 50 مليون شخص، لذا فإن الأمر يتطلب تدبير المنتجات الزراعية التي نحتاجها من خلال الاستثمار الوطني والأجنبي في الزراعة، لاسيما زراعة الحبوب وتربية الحيوانات وتصدير الفواكه». وأوضح أن «هناك مساحات واسعة من الأرض غير المستثمرة ومنها الأراضي الصحراوية وغيرها، وهذه يمكن استغلالها فضلاً عن استغلال حوض أعالي نهر الفرات شرقاً وغرباً وصحاري الأنبار حتى الرطبة». ودعا إلى «التركيز على التصدير بهدف استجلاب التقنيات الحديثة في الزراعة، في ظل حاجة ملحة لوضع برنامج متعلق بدعم المدخلات الزراعية وتجديد دعم المخرجات، بما يعزز تقدم القطاع وتنمية دوره في الاقتصاد». وفي ما يتعلق بوضع استراتيجية موحدة للموارد المائية تساهم في تنشيط الإنتاج الزراعي، قال العبادي إن «تحقيق الخطط الاستراتيجية مرتبط بتحقيق ظروف وبيئات مواتية تكون أساساً للوصول إلى الأهداف، واستشراف المستقبل القريب انطلاقاً من الظروف الحالية غير المتفائلة وإمكانات التغيير المتدنية مثل الزراعة المستقبلية ستكون مرتبطة بظروف عوامل الإنتاج الحالية والمستقبلية». وأضاف أن «نمو السكان في العراق(2.6 في المئة) سيؤدي إلى زيادة الطلب على السلع الزراعية، خصوصاً السلع الغذائية والتخطيط لزيادة الإنتاج المحلي بهدف الوصول إلى أعلى نسبة ممكنة من الاكتفاء الذاتي مع نمو السكان. ولتحقيق الإنتاج الزراعي المطلوب، لا بد من استثمار الموارد المائية المتاحة بأفضل شكل، ويمكن زيادتها كلما أمكن ذلك». وطالب بالعمل على نشر الوعي الاستهلاكي باتجاه ترشيد الاستهلاك وتغيير نمطه صوب المحاصيل البديلة الأقل استهلاكاً للمياه وتغيير نمط التسوق والخزن المنزلي. وشدد على ضرورة «العمل على زيادة خصوبة التربة لرفع إنتاجية وحدة المساحة عبر استصلاح الأراضي الملحية واستخدام المواد الرافعة للخصوبة، مثل الأسمدة الكيماوية والعضوية والسماد الأخضر واستخدام الدورات الزراعية التي تدخل البقوليات فيها والوقاية من الآفات والأمراض النباتية قبل الإصابة ومكافحتها في بداية الإصابة».