أيّد مجلس الشيوخ الأميركي بغالبية ساحقة أمس، مشروع قانون يشدد العقوبات على روسيا وإيران، ويحدد آلية لإجبار الرئيس دونالد ترامب على نيل موافقة الكونغرس قبل تخفيف أي عقوبات قائمة. وصوّت على المشروع 98 من الأعضاء المئة للمجلس، فيما عارضه اثنان، هما السيناتور الجمهوري راند بول والسيناتور بيرني ساندرز وهو مستقل خاض معركة الترشح للرئاسة عن الحزب الديموقراطي. ويحتاج المشروع إلى موافقة مجلس النواب ثم توقيع ترامب عليه، ليصبح قانوناً. ويتضمّن مشروع القانون عقوبات جديدة على طهران، في شأن برنامجها للصواريخ الباليستية ونشاطات أخرى ليست متصلة بالاتفاق النووي الذي أبرمته مع الدول الست عام 2015. وأضاف مجلس الشيوخ هذا الأسبوع عقوبات جديدة على موسكو، لتدخلها المحتمل في الانتخابات الأميركية وضمّها شبه جزيرة القرم الأوكرانية ودعمها النظام السوري. وكان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون تحفظ عن ذلك، إذ حضّ الكونغرس على «ضمان أن يتيح أي تشريع للرئيس مرونة في تعديل العقوبات، لتلبية حاجات ما هو دائماً وضع ديبلوماسي متغيّر». أتى ذلك بعد ساعات على اتخاذ تحقيق تجريه أجهزة الاستخبارات الأميركية ووزارة العدل بصلات محتملة للحملة الانتخابية لترامب بروسيا، منعطفاً حاسماً، بعدما بات يطاول الرئيس، كما أوردت صحيفة «واشنطن بوست». واستحضر ذلك أجواء فضيحة «ووترغيت»، مع درس احتمال عرقلة ترامب سير العدالة، وهي تهمة أطاحت بعد ثبوتها الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون. وكانت الصحيفة فجّرت قنبلة سياسية، إذ نقلت عن مسؤولين قولهم إن روبرت مولر، المستشار الخاص في التحقيق حول «تدخل» روسيا في الانتخابات الأميركية، يحقق مع ترامب في احتمال عرقلته سير العدالة. وأضافت أن ذلك بدأ بعد أيام على طرد الرئيس المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) جيمس كومي في 9 أيار (مايو) الماضي، وتسريب الأخير مذكرات تفيد بأن ترامب طلب منه شخصياً التساهل مع المستشار السابق للأمن القومي مايكل فلين، وهذا ما يُعدّ تدخلاً مباشراً في التحقيق. ولفتت إلى أن التحقيق يطاول شخصيات «حالية وسابقة في فلك الرئيس». وليس مُرجّحاً أن يواجه رئيس في الحكم ملاحقة جنائية، لكن عرقلة سير العدالة يمكن أن تكون سبباً لمساءلته تمهيداً لعزله. وأيّ تحرّك في هذا الصدد سيواجه عقبة ضخمة، إذ يتطلّب موافقة أكثرية أعضاء مجلس النواب وثلثَي أعضاء مجلس الشيوخ، علماً أن الجمهوريين يسيطرون على المجلسين، في انتظار الانتخابات النصفية في خريف 2018. وأشارت «واشنطن بوست» إلى أن مدير الاستخبارات القومية دان كوتس ومدير وكالة الأمن القومي مايك روجرز وريتشارد ليغيت النائب السابق لمدير الوكالة، وافقوا على لقاء المحققين العاملين مع مولر قريباً. وشكا ترامب من التحقيق، إذ اعتبره «أعظم (حملة ل) صيد ساحرات في التاريخ السياسي الأميركي - بقيادة أفراد سيئين جداً ومتضاربين!». وكتب على موقع «تويتر» في شأن تقرير «واشنطن بوست»: «اخترعوا تواطؤاً زائفاً مع قصة الروس، ولم يجدوا أي دليل، لذلك يعتمدون الآن (مسألة) عرقلة العدالة في قصة زائفة». وكان ناطق باسم الفريق القانوني لترامب نبّه إلى أن «تسريب معلومات من مكتب التحقيقات الفيديرالي تتعلّق بالرئيس، أمر ليس قانونياً ومشيناً لا يُغتفر». وأعلنت لجنة الاستخبارات في مجلس النواب أن وزير الأمن الداخلي السابق جي جونسون سيشهد أمامها الأربعاء المقبل، في إطار تحقيق تجريه في «تدخل» موسكو في الانتخابات. أتى ذلك فيما أظهر استطلاع رأي أن 6 من 10 أميركيين يعتقدون بأن ترامب حاول عرقلة التحقيق في هذا الصدد، معظمهم ديموقراطيون ومستقلون. وأيّد واحد فقط من كل 5 أميركيين، قرار الرئيس عزل كومي.