تتزايد أعداد السعوديين المصابين بالسمنة مع انتشار العادات الغذائية السيئة بين الخليجيين عموماً، والسعوديين خصوصاً، والذين صنّفتهم تقارير منظمة الصحة العالمية ثالث شعوب العالم في الإصابة بهذا المرض، في الوقت الذي تعد المملكة من البلدان الأكثر عرضة للإصابة بأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم والفشل الكلوي. وتبذل السعودية جهوداً لمكافحة المرض الذي يهدد صحة أكثر من 5 ملايين من مواطنيها، ويقتل أكثر من 20 ألفاً سنوياً، بينما يقدّر عدد المصابين به من الأطفال أكثر من 3.5 مليون، فيما يُعد 50 في المئة من مرضى السمنة السعوديين (2.5 مليون شخص) عرضة إلى الإصابة ب «داء الفيل». وتنفق المملكة نحو 20 بليون ريال سنوياً لعلاج السمنة والأمراض المرتبطة بها، ويعزو باحثون أسباب انتشاره إلى تغيّر النمط الغذائي خلال العقود الماضية، بعدما أدى التقدّم التكنولوجي إلى عزوف غالبية السعوديين عن الحركة، وانتشار مطاعم الوجبات السريعة وما صاحبها من عادات غذائية سيئة، يزيد منها استخدام الزيوت المهدرجة أو المتحوّلة في الوجبات الغذائية. وقد يصاب مريض السمنة المفرطة في حال زيادة وزنه على 150 كيلوغراماً ب «داء الفيل» الذي يصيب الأطراف. ويعاني المريض من تضخّم وانتفاخ الأطراف العلوية أو السفلية أو كليهما معاً، وتسببها ديدان «الفلاريا»، وهي ديدان خيطية تهاجم الأنسجة تحت الجلد والأوعية الليمفاوية. وقبل أشهر، أطلقت وزارة الصحة برنامج متخصص لعلاج وتأهيل مرضى «داء الفيل» واعتلال الأوعية الليمفاوية وتأهيلهم، بالتعاون مع مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية، بهدف مواجهة الحالات المتزايدة من مرضى الوذمة الليمفاوية واعتلال الأوعية الليمفاوية. ويشكو المصابون ب «داء الفيل» من قلة المراكز العلاجية داخل المملكة، ومنهم سعد آل حسن المصاب بالسمنة وداء الفيل، والذي صدر قرار أمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف بعلاجه قبل أيام، بعدما كشف في أحد البرامج التلفزيونية عن معاناته من هذا المرض. ويشارك سعوديون من المصابين ب «داء الفيل» آل حسن معاناته، بينهم متعب الرشيدي الذي تسبّب المرض في فصله من عمله حارس مدرسة، بعدما زاد وزنه على 150 كيلوغراماً، وأصيب بأمراض القلب والكلى وتدهور العظام، وفشل الأطباء في علاجه، ونصحوه بالسفر إلى الخارج، بعدما أصبح مهدداً ببتر قدمه، إثر انسداد الغدد الليمفاوية، وانتشار المرض في قدميه. ومنذ عام 2009 يعاني محمد العنزي من «داء الفيل»، ولم يجد علاجاً في أي من مستشفيات السعودية بعدما بلغ وزن قدمه المصابة أكثر من 100 كيلوغرام وأضحت حياته في خطر، وناشد سعوديون عبر «تويتر» وزارة الصحة علاجه على نفقة الدولة وإنهاء معاناته. وربطت تقارير طبية بين جراحات السمنة والإصابة بحصوات المرارة، إذ أكد استشاري جراحة السمنة الدكتور عزام القاضي ل «الحياة»، أن «إنقاص الوزن في شكل سريع يساهم في تشكيل حصوات المرارة، خصوصاً لمن يسعون إلى فقدان 40 كيلوغراماً وأكثر من ذوي الأوزان الكبيرة»، مشيراً إلى أن 20 في المئة ممن يسعون إلى إنقاص أوزانهم تتشكّل لديهم حصوات المرارة. وتوجد في السعودية مستشفيات ومراكز متفوّقة في علاج السمنة، أبرزها مستشفى الحرس الوطني في الأحساء، الذي اشتهر في منطقة الشرق الأوسط بنجاح جراحات السمنة فيه، لوجود كوادر طبية تمتاز بكفاء عالية في جراحات حزام المعدة وتدبيسها، وتحويل مجرى الطعام، وغيرها. وتمكّن المستشفى خلال عشر سنوات فقط من معالجة أكثر من 370 مصاباً بالسمنة جراحياً. وتشهد مستشفيات سعودية إقبالاً على جراحات «تحويل مسار المعدة» للحدّ من السمنة، خصوصاً بعدما خُفضت كلفتها من أكثر من 11 ألف ريال إلى نحو 5700 ريال، ما شجع كثيرات على الخضوع لها في المملكة.