اختتم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس زيارته إلى العاصمة الألمانية بعدما عقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولين ألمان ركزت على التطورات الجارية في المنطقة ومكافحة الإرهاب. وغداة لقائه المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، التي أكدت استعداد بلادها لتعزيز التعاون مع مصر في مجالات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، شدد السيسي على ضرورة توجيه «رسالة حازمة إلى الدول التي تمول وتدعم الإرهاب وتوفر الغطاء السياسي والأيديولوجي له إذا ما أراد المجتمع الدولي القضاء على الإرهاب في شكل كامل». واجتمع السيسي أمس مع وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، حيث تم «البحث في عدد من القضايا الإقليمية والدولية، ومن بينها الأوضاع الراهنة مع قطر، والأزمات القائمة في المنطقة خصوصاً في ليبيا. وعرض السيسي رؤية بلاده «لتسوية تلك الأزمات بشكل سياسي وسلمي، يحفظ للدول سيادتها على أراضيها ويصون مؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها»، بحسب الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف. وأكد السيسي حرص مصر على الاستمرار في تعزيز العلاقات مع ألمانيا، وأشاد ب «مستوى التنسيق والتشاور حول مواجهة التحديات التي تفرضها الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، وبخاصة في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتسوية الأزمات القائمة في عدد من دول المنطقة». وأوضح أن مشكلة الإرهاب لها أبعاد متعددة و «لا يجب أن تقتصر مواجهته على الوسائل العسكرية والأمنية فقط، وإنما يجب أن تمتد لتشمل تجفيف منابعه من خلال الوقوف بحسم أمام الدول التي تقوم بتوفير الدعم المالي والسياسي له، فضلاً عن هدم الأسس الفكرية التي يستند إليها الإرهاب، وذلك من خلال تطوير وتحديث التعليم، فضلاً عن تصويب الخطاب الديني لتعزيز القيم السمحة للأديان». من جانبه، أكد وزير الخارجية الألماني تطلعه للعمل على دفع العلاقات بين البلدين، كما أكد أهمية دور مصر في المنطقة، وضرورة تعزيز التشاور بين البلدين بما يتواءم مع طبيعة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم. وذكر أن الإرهاب بات يمثل ظاهرة عالمية، مثمناً دور مصر في مواجهته بحسم. وكان السيسي، الذي وصل إلى ألمانيا الأحد الماضي، عقد أول من أمس لقاء مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في برلين، على هامش القمة التي نظمتها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للشراكة مع أفريقيا. ووفقاً لبيان رئاسي مصري، فإن مركل أشادت بمستوى التعاون المتميز بين مصر وألمانيا، وأكدت دعم بلادها مسار الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه مصر، وحرص الشركات الألمانية على زيادة أنشطتها في مصر، وتعزيز الاستثمارات القائمة بالفعل. وأشارت مركل إلى أهمية دور مصر في منطقة الشرق الأوسط، معربة عن تقديرها لما تبذله مصر من جهود في التصدي للإرهاب، ودورها في دفع عملية التسوية السياسية للأزمات القائمة بالمنطقة. وأكدت استعداد ألمانيا لتعزيز التعاون مع مصر في مجالات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. من جانبه، أشاد السيسي بما تشهده العلاقات الثنائية من تطور متزايد، مؤكداً حرص بلاده على مواصلة العمل على تعزيز علاقات التعاون بين البلدين على جميع الأصعدة. وعرض الرئيس المصري تطور عملية الإصلاح الاقتصادي في مصر، وتطوير البنية التشريعية لتسهيل إجراءات الاستثمار، ومؤكداً الحرص على تخفيف الآثار السلبية للإصلاح على المواطنين، من خلال التوسع في برامج الحماية الاجتماعية. وذكر الناطق باسم الرئاسة السفير علاء يوسف أن اللقاء شهد تباحثاً حول القضايا الإقليمية والدولية، خصوصاً مكافحة الإرهاب، والتطورات الراهنة المتعلقة بقطر، وبحث سبل التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات القائمة في المنطقة، وبخاصة بالنسبة إلى الأزمتين الليبية والسورية، حيث أكد السيسي حرص مصر على ترسيخ الأمن واستعادة الاستقرار في كل أرجاء المنطقة والتوصل إلى تسويات سياسية لهذه الأزمات، وذلك انطلاقاً من مبادئ مصر الثابتة التي تستند إلى ضرورة الحفاظ على الوحدة الإقليمية للدول، وسلامة كياناتها ومؤسساتها الوطنية، بما يصون مقدرات شعوبها. وشدد السيسي على ضرورة تكثيف الجهد الدولي في مواجهة الدول التي تقوم بتمويل ودعم الإرهاب وتوفير الغطاء السياسي والأيديولوجي له، وربط بين «توجيه رسالة حازمة لهذه الدول إذا ما أراد المجتمع الدولي القضاء على الإرهاب بشكل كامل». كما التقى السيسي، قبل مغادرته العاصمة الألمانية زعيم الأغلبية في البرلمان الألماني فولكر كاودر، واستقبل أسقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في ألمانيا الأنبا دميان، وأكد حرص الدولة على ترسيخ «المواطنة والتعايش المشترك، من خلال الممارسات الفعلية على أرض الواقع». وشدد على الدور المحوري للمؤسسات الدينية في نشر التسامح والانفتاح، وتعزيز القيم الدينية السمحة، ودحض الأفكار الفاسدة للتطرف والإرهاب والتشدد. وأكد أن الهجمات الإرهابية الأخيرة على الأقباط «لن تنجح في ضرب الوحدة الوطنية في مصر»، مشيراً إلى أن مصر «تواجه الإرهاب بكل عزم وقوة».