بعد انخفاض أسعار النفط الذي بدأ عام 2014، عملت الكويت في إطار «رؤية الكويت 2035» على تنويع دعم القطاعات غير النفطية والاستثمار في المشاريع الضخمة، إضافة إلى تطبيق إصلاحات مالية. وتوقع تقرير ل«بنك الكويت الوطني» تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.4 في المئة هذه السنة، قبل أن يعاود نموه الإيجابي بمعدل 3.2 في المئة العام المقبل، مع التزام الكويت بتطبيق اتفاق خفض الإنتاج النفطي الذي سيخفض متوسط إنتاجها بواقع 7 إلى 8 في المئة. وأشار إلى أن تزايد الإنفاق الرأسمالي ساهم في دفع عجلة النشاط الاقتصادي غير النفطي، وكان معدل إسناد المشاريع جيداً خلال الربع الأول من السنة وبلغ 1.4 بليون دينار (نحو 4.5 بليون دولار) وفقاً ل»ميد للمشاريع». وطرحت خطة التنمية الوطنية الكويتية في الربع الأول من السنة تحت مسمى «رؤية الكويت 2035»، وتجمع مبادرات تشمل الإصلاحات الهيكلية والمالية، فضلاً عن خطط الإنفاق الرأسمالي. وتهدف إلى استثمار 34 بليون دينار حتى عام 2020، ثلثها من القطاع الخاص. ولفت التقرير إلى أن إجمالي الاستثمارات سيواصل نموه القوي نتيجة للدفع الاستثماري الذي تلقاه مجال البنية التحتية. ومن الممكن أن يؤدي ارتفاع النمو الحقيقي بواقع 8 - 9 في المئة في المتوسط في عامي 2017 و2018، إلى ارتفاع حصة الاستثمار في الاقتصاد إلى 23 في المئة، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله منذ أكثر من 20 سنة. وأوضح التقرير أن الإنفاق الاستهلاكي واصل اعتداله خلال الربع الأول من السنة، إلا أنه حافظ على وتيرة مقبولة. وارتفعت قيمة تعاملات نقاط البيع بواقع 7 في المئة على أساس سنوي، وفي حين كانت معدلات النمو أبطأ من المعدلات الثنائية الرقم التي تم تسجيلها في السنوات السابقة، إلا أن وتيرته كانت جيدة نسبياً بفضل النمو المطرد للوظائف والرواتب. كذلك تراجع حجم مديونية الأسر خلال العام الماضي، إذ تراجع نمو القروض الاستهلاكية بواقع 6.7 في المئة على أساس سنوي في آذار (مارس) الماضي. ولا يزال التوظيف في الكويت قوياً نسبياً، إذ بلغت نسبة توظيف المواطنين الكويتيين نحو 3.5 في المئة عام 2016، في حين سجلت 5.6 في المئة عند الوافدين. وسجل الائتمان نمواً جيداً بدعم من زيادة الناتج غير النفطي ونمو الإنفاق الرأسمالي، وبلغ في آذار 3.6 في المئة على أساس سنوي، كما سجلت القطاعات «الإنتاجية» نمواً متسارعاً بلغت نسبته 9.6 في المئة. وأفاد التقرير بأن نشاط سوق العقار واصل تراجعه على أساس سنوي للعام الثالث على التوالي. وتراجعت المبيعات خلال 12 شهراً حتى نيسان (أبريل) بنسبة 22 في المئة على أساس سنوي. من جهة أخرى، ارتفع عدد الصفقات ضمن القطاع خلال ثلاثة أشهر بواقع 22 في المئة على أساس سنوي حتى الشهر ذاته. وتراجع التضخم إلى 2.6 في المئة على أساس سنوي في آذار مقارنة بأعلى مستوياته البالغة 3.8 في المئة في أيلول 2016. وبدأ تضخم إيجارات المساكن في الاستقرار. وتوقع التقرير أن تواصل وزارة المال تسجيل عجز مالي على المدى المتوسط. ومع توقع استمرار تراوح أسعار النفط في حدود 55 - 60 دولاراً للبرميل خلال عامي 2017 و2018، قد يبلغ العجز 19 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2016 - 2017. إلا أن التقرير توقع أن يتراجع العجز إلى نحو 14 في المئة من الناتج المحلي في السنة التالية مع تحسن أسعار النفط وتطبيق مزيد من الإصلاحات المالية. وتوقع أن تؤدي الإصلاحات التي انتهجتها الحكومة إلى تقليص العجز بنحو 5 - 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2020. وأشار التقرير الى احتمال ارتفاع الإنفاق الحكومي خلال السنة المالية الحالية، إذ فاق التوقعات خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة، بمعدل تناسبي يصل إلى 98 في المئة من الموازنة، ما يدل على تسجيل نمو بنسبة 1.5 في المئة. أما في ما يتعلق بمشروع موازنة السنة المالية 2017 - 2018 والذي ما زال في انتظار اعتماده من مجلس الأمة، فيتوقع نمو النفقات بمعدل 5.3 في المئة، إلا أن التقرير توقع أن يكون الارتفاع بمعدل أقل يصل إلى نحو 4 في المئة. في سياق متصل، أشار التقرير إلى أن الوضع المالي للدولة جيد بفضل تدني سعر التعادل النفطي في الموازنة وضخامة الأصول الخارجية، إذ بلغت أصول صندوق الثروة السيادي بنهاية السنة المالية 2016 - 2017، 560 بليون دولار أو 450 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما تقدر قيمة أصول صندوق الاحتياط العام الذي يتميز بسيولة أصوله والمتاح لتمويل العجز، بحدود 30 بليون دينار. وعلى رغم ضخامة صندوق الثروة السيادية، إلا أن أدوات الدَين كانت في الصدارة لتمويل العجز في السنة المالية الحالية، وقدّر التقرير العجز بنحو 6.3 بليون دينار هذه السنة، كما قد تحتاج الحكومة إلى نحو 5 بلايين دينار في كلّ من السنة المالية 2017 - 2018 والسنة المالية 2018 - 2019 لسد العجز. وتوقع التقرير أن يعاود ميزان الحساب الجاري تسجيل فائض بنحو 1 - 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة، بعدما سجّل أول عجز له منذ عقدين العام الماضي. أما على صعيد العملة، فتراجع مؤشر الدينار نحو 3 في المئة منذ مطلع السنة حتى أيار (مايو) الماضي.