لجأت الحكومة السعودية، بعد مستوى قياسي لإنتاج النفط، إلى تدابير قوية للتيسير النقدي والاستثمار على نحو أكبر في مشاريع البنية التحتية. ويُتوقع أن يبلغ نمو الناتج 6.8 في المئة لعام 2012، لكنه سيتراجع إلى 4.4 في المئة هذه السنة مع استقرار إنتاج النفط والاستفادة من تنفيذ الإنفاق المالي التوسعي. وأشار تقرير ل «بيت الاستثمار العالمي» (غلوبل) إلى أن «إجمالي الناتج المحلي النفطي زاد 10.4 في المئة بفضل ارتفاع أسعار النفط ومستويات الإنتاج القياسية، كما نما قطاع النفط 5.5 في المئة العام الماضي في أعقاب زيادة الإنتاج التي تلت فرض العقوبات على إيران مطلع 2012». وأضاف: «يُتوقع أن يبقى نمو القطاع منخفضاً خلال السنوات الخمس المقبلة مع نمو هامشي أو استقرار في حجم الإنتاج أو التوسع في الطاقة الإنتاجية مع ارتفاع إنتاج النفط في العراق وأميركا الشمالية وليبيا». ولفت إلى «نمو الناتج المحلي غير النفطي 7.2 في المئة بعدما سجل أفضل أداء في ثماني سنوات عام 2011 وبلغ ثمانية في المئة، بقيادة النمو في القطاعين الخاص والعام». وواصل القطاع الخاص غير النفطي نموه العام الماضي مرتفعاً 7.5 في المئة مقارنة ب7.8 في المئة العام السابق، وقاد ذلك النمو القوي في قطاعات التصنيع والبناء والتجزئة والنقل. واستمر القطاع العام غير النفطي بالنمو وارتفع 6.3 في المئة في مقابل 8.7. وتوقع التقرير أن «يساهم القطاع غير النفطي في نمو إجمالي الناتج المحلي للمملكة، مع استمرار الحكومة في طرح مبادرات بهدف التنويع بعيداً من النفط ومعالجة الحاجات الاجتماعية والتنموية». وأشارت التقديرات إلى بقاء نمو القطاع الخاص غير النفطي أعلى من توقعات إجمالي الناتج المحلي، إذ يتجاوز متوسط النمو 5.5 في المئة، كما يُتوقع أن يبقى نمو القطاع الخاص غير النفطي ثابتاً عند 3.9 في المئة حتى عام 2017. التصنيع والبناء ويُتوقع أن يستمر قطاع التصنيع في قيادة النمو في القطاع الخاص نتيجة الاستهلاك المحلي القوي والصادرات غير النفطية، وتدعمه الاستثمارات الرأسمالية المستمرة في القطاع. وزاد التكوين الرأسمالي الثابت بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 17 في المئة خلال 10 سنين حتى العام الماضي. أما قطاع البناء، الذي نما 10.3 في المئة، فكان من بين القطاعات الخاصة الأسرع نمواً بفضل عمليات ترسية العقود على نحو قياسي، إذ إن السعودية، باعتبارها أكبر سوق للمشاريع في الشرق الأوسط، سجلت رقماً قياسياً بترسية عقود تُقدر ب50 بليون دولار عام 2012، وفقاً لتقديرات «ميد»، التي تتوقع أن تزيد ترسية العقود إلى 70 بليوناً هذه السنة. وأكد تقرير «غلوبل» ارتفاع الفائض التجاري إلى 35 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي من 29 في المئة عام 2011، مع زيادة صادرات النفط من 41 إلى 48 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وارتفعت نسبة الصادرات النفطية من إجمالي الصادرات إلى 88 في المئة من 86 في المئة. ويُتوقع استقرار ميزان الحساب الجاري نتيجة ارتفاع الفائض التجاري الذي يستمر في تعويض العجز في الخدمات والحوالات الجارية. وفي حين استقر الدخل من الاستثمارات الخارجية طوال فترة التباطؤ الاقتصادي العالمي، يُتوقع أن يرتفع مع صعود أسعار الفائدة بعد عام 2015. وتشير التقديرات إلى هبوط ميزان الحساب الجاري إلى 12.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2017، من 26.5 في المئة عام 2012. ورجح ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.1 في المئة ليصل إلى 16.1 بليون دولار عام 2017، وأن تتباطأ محافظ الاستثمارات في الخارج بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 10.6 في المئة لتصل إلى 10.4 بليون دولار. ويُتوقع أن ترتفع الاستثمارات الأخرى في الخارج بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 15 في المئة لتصل إلى 17.3 بليون دولار عام 2017. «السعودة» ولفت الى التقديرات تظهر تباطؤاً محتملاً للنمو السكاني في السعودية في شكل ملحوظ خلال السنوات المقبلة، بعد النمو السريع بين عامي 2000 و2010. ويُقدر بطء النمو السكاني بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ اثنين في المئة بين عامي 2010 و2020 و1.4 في المئة بين 2020 و2030 في مقابل 3.2 في المئة بين 2000 و2010. يُذكر أن ارتفاع معدل البطالة بين المواطنين السعوديين شجع على اتخاذ إجراءات ضد الشركات التي توظف أجانب. وتهدف السعودية إلى إيجاد ستة ملايين وظيفة للسعوديين بحلول عام 2030. وأظهر التقرير ارتفاع الإنفاق المالي هذه السنة 19 في المئة مقارنة بموازنة عام 2012، إلا أنه يقل عن الإنفاق الفعلي بنسبة أربعة في المئة مع التركيز على التعليم والرعاية الصحية والنقل والبنية التحتية. وتتماشى أهداف الموازنة الجديدة مع خطة التنمية التاسعة 2010 - 2014، والتي خصصت أكثر من نصف مبلغ 390 بليون دولار لتنمية الموارد البشرية بهدف إصلاح إنتاجية القوة العاملة للمملكة ومعالجة بطالة الشباب والحد من الاعتماد على غير السعوديين. واستمر تراجع الضغوط التضخمية عام 2012 نتيجة خفض أسعار المواد الغذائية والإيجار والرعاية الصحية وغيرها. وانخفض متوسط التضخم إلى 4.6 في المئة من خمسة في المئة عام 2011 و5.3 في المئة في 2011.