باتت يدي ترتعد عند أي محاولة لسحب مبلغ مالي من إحدى مكائن الصرف الآلي المنتشرة في شوارعنا. ليست مبالغة، فهذه هي الحقيقة للأسف، خصوصاً في المكائن المخصصة للسيارات. لي تجربة مريرة مع هذه المكائن، أجبرتني في أوقات مضت على مراجعة فرع المصرف لسحب المبلغ من هناك، ومن ثم الإبلاغ عن سحب الماكينة لبطاقة الصرف، ولا ينتهي هذا المسلسل إلا بدفع رسوم بطاقة جديدة لا تأتي إلا بعد جهد ومشقة. لكن تخيلوا عندما تتعرّض لمثل هذا الموقف وأنت تتسوّق مع أسرتك أو لديك حالة طارئة ومستعجلة، أو كنت في أيام العطل مثل إجازة الأعياد التي تقفل فيها مصارفنا، وتدعك تريق ماء وجهك للأقارب والأصدقاء طالباً منهم سلفة إلى ما بعد الإجازة، ثم من ذا الذي سيقرضك في مثل تلك الإجازة التي تستنزف فيها الجيوب؟ هذا الموقف لم يحدث لي ولكن لأحد أصدقائي وكان قبل نحو ثلاثة أعوام. ولفت نظري في الآونة الأخيرة كثرة الأعطال في مكائن الصرف، فتجد الماكينة معطلة لأيام عدة، ما يضطر العميل إلى البحث عن ماكينة أخرى ويسهم في تأخيره وتعطيل أعماله. ومع ذلك أقول إن ماكينة تخبرك أنها معطلة خير من ماكينة تخدعك وتسحب بطاقتك بدل أن تزوّدك بما تحتاجه من نقود. قررت أخيراً عدم اللجوء إلى أجهزة الصرف المخصصة للسيارات، بل إلى الأجهزة المجاورة لفروع المصارف، على الأقل إذا سحبت البطاقة يمكن أخذها في اليوم التالي من الفرع نفسه، وإن كان الأفضل ألا يسحب العميل إلا من المصرف الذي لديه حساب فيه. لا توجد مصارف في العالم - بحسب معرفتي - تحظى بدعم كبير من الدولة مثل مصارفنا، فهي الحلقة الأقوى في أية علاقة، سواء مع المستثمرين أو مع العملاء، أيضاً لا توجد مصارف تفتح فيها الحسابات من دون فوائد - الحساب الجاري - بالكثرة التي توجد في السعودية، فالمجتمع محافظ ويرفض أخذ النسب الربوية، بينما تستفيد منها المصارف وتأخذ هذه الفوائد وحدها من دون مشاركة العميل أو صاحب الحساب، كما أن هذه المصارف لها يد طولى في تداول الأسهم أو تملّك المحافظ، إلى غير ذلك من المميزات التي لا يمكن أن تجدها في بلد آخر. ولكن ماذا قدمت تلك المصارف؟ أجهزة صرف آلي معظمها معطوبة لا ترضي العميل، بل إنها تسهم في إرباكه وتوتّره. لن أوجّه رسالتي هذه إلى المسؤولين في المصارف، فهم يشاهدون الواقع منذ سنوات ولم يحاولوا على الأقل في تغييره، ولكن أوجّه نداء إلى المسؤولين في مؤسسة النقد أن يعملوا على إعادة التوازن في العلاقة بين المصارف وعملائها، وإرغام المصارف على تقديم خدمات توازي ما تحظى به من الدولة أو من هؤلاء العملاء، ولا أقل من توفير مكائن صرف تعمل من دون عطل طارئ كل شهر.