أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الولاياتالمتحدة مصمّمة على استئناف مفاوضات السلام، لكن إسرائيل لم تُبلور رؤيتها بعد. وقال إن «اتصالات ومشاورات مكثفة ستُستأنف خلال أسابيع، وليس أشهرا، ولا بد من أن يحدث شيء قبل مطلع تموز (يوليو) المقبل». وشدد على أن مفاوضات أنابوليس لم تكن مضيعة للوقت وأنه «يمكن أن نبني عليها في المفاوضات المستقبلية، خصوصاً في ما يتعلق بالحدود والقدس والمستوطنات». وأوضح عباس عقب لقائه الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة أمس لإطلاعه على نتائج زيارته لواشنطن، أنه طرح خلال المحادثات مع الإدارة الأميركية قضية الحوار الوطني الفلسطيني، «وأكدنا أن المطلوب من الحوار تشكيل حكومة تلتزم الالتزامات التي ألزمنا أنفسنا بها ولا نطالب المنظمات الفلسطينية الأخرى بالالتزام بها، لكن يجب أن يلتزم بها أعضاء الحكومة». وحضر اللقاء الذي ناقش التحركات الأخيرة لدفع عملية السلام، وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ورئيس المخابرات الوزير عمر سليمان، ومن الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبدربه ورئيس دائرة المفاوضات في المنظمة صائب عريقات ومستشار الرئيس نبيل أبوردينة والسفير الفلسطيني لدى القاهرة نبيل عمرو. وأشار الرئيس الفلسطيني إلى أنه بحث مع مبارك في تفاصيل رحلته الأخيرة إلى الولاياتالمتحدة واللقاءات التي عقدها هناك. وقال إن حواراته مع الجانب الأميركي «دارت حول ما يمكن فعله في المستقبل وكيف يمكن أن نبدأ»، مشيراً إلى أنه شدد على «الطرح الأميركي الخاص بضرورة وقف الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك ما يقال عنه النمو الطبيعي للمستوطنات، وكذلك ضرورة اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بحل الدولتين. وعندما يحدث ذلك، يمكن أن ننتقل إلى استكمال المفاوضات التي بدأت بعد أنابوليس». وعن رفض الإسرائيليين الدعوات الأميركية إلى وقف الاستيطان وقبول حل الدولتين، قال عباس: «أكدنا للجانب الأميركي أن تلك ليست شروطاً مسبقة، لكنها ثوابت نطالب بتطبيق ما تم الاتفاق عليه ولا نطالب بشيء جديد». وقال إن «الإسرائيليين أثاروا نقطة (وقف) التحريض، وأوضحنا لهم أن هذه المسألة أثيرت قبل أكثر من عشر سنوات في واي ريفر واتفقنا وقتها على تشكيل لجنة ثلاثية فلسطينية - أميركية - إسرائيلية، ونطلب الآن إحياء عمل هذه اللجنة لبحث الادعاءات الإسرائيلية تجاه الإعلام والكتب المدرسية». وأضاف أن الوثيقة التي قدمها إلى أوباما تضمنت «فكرة لتطبيق المبادرة العربية وخريطة الطريق» مشيراً إلى «أن خلاصتها هي انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة حتى حدود العام 1967 مقابل تطبيع جميع الدول العربية والإسلامية علاقاتها مع إسرائيل». ورداً على سؤال عن نتائج لقائه مع الرئيس الأميركي، قال: «ذهبنا مستندين إلى أرضية معروفة بعد تكرار حديث الإدارة الأميركية عن ضرورة التزام إسرائيل وقف أنشطتها الاستيطانية والاعتراف بحل الدولتين كما ورد في خريطة الطريق... هذه أرضية مرضية لنا ونبني عليها في المستقبل حتى ندرك ماذا يمكن أن نفعل». واعتبر حديث إسرائيل عن غياب الشريك الفلسطيني في ظل الخلافات الحالية «مجرد ذرائع من أجل الهروب من قضايا أخرى». وقال: «أريد التأكيد على أننا عندما بدأنا حوار أنابوليس، كان هناك انقسام فلسطيني، ونحن نقول إذا توصلنا إلى اتفاق مع الجانب الإسرائيلي، فإن هذا الاتفاق سيطرح على استفتاء عام للشعب الفلسطيني كله. لذلك، هذه الحجة أو المقولة غير واردة على الإطلاق وغير مبررة». وحين سُئل عن اشتراط إسرائيل الاعتراف ب «يهودية الدولة»، أجاب: «هذه ذرائع يتحدث عنها الجانب الإسرائيلي سبق ورفضنا مناقشتها أثناء محادثات أنابوليس، واتفقنا حينها على طي الملف، وقد أُقفل هذا الملف فعلاً في حينه ولا يجب أن يفتح مرة أخرى... نحن نرى دولة اسمها دولة إسرائيل، ولا يهمنا نحن ما يطلقونه هم على دولتهم». ورداً على سؤال عن مصير حق العودة للاجئين والتسريبات الإسرائيلية عن موافقة السلطة الفلسطينية ضمناً على عدم عودة جميع اللاجئين، قال عباس إن هناك «أصواتاً إسرائيلية كثيرة تزعم أننا لا نريد عودة اللاجئين، لكننا ناقشنا هذا الملف بصورة معمقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت وتوصلنا إلى مبادئ عامة في شأنه، ولم نتدخل في التفاصيل». وأشار إلى أن «المبادرة العربية واضحة في هذا الشأن، ونحن نرفض أي تعديل أو إضافة أو تبديل في المبادرة العربية للسلام». في غضون ذلك، تلقى مبارك أمس تقريراً مفصلاً من أبو الغيط وسليمان عن زيارتهما الأخيرة إلى الولاياتالمتحدة ونتائج لقائهما المسؤولين الأميركيين. وكان أبو الغيط عاد مساء أول من أمس إلى القاهرة بعد زيارة الولاياتالمتحدة وفرنسا ضمن وفد ضم رئيس المخابرات ووزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد.