يقضي الكثير من سكان المدن الساحلية في السعودية الساعات الأخيرة من الصيام في ممارسة هواية الصيد بالسنارة، هروباً من ضجيج الأسواق وزحام الشوارع والطرقات، فيما يمنحهم البحر بالمتعة وفرصة للتأمل والاسترخاء، ويمارسها المحترفون والمبتدئون على حد سواء في أماكن معينة تجمعهم. ولا يهدف الصيادون إلى بيعها الأسماك أو أكلها، فالغالبية لا تفضل حضورها على الموائد الرمضانية، لاعتقادهم أنها تسبب العطس، فيما البعض يكتفي بالاستمتاع بالوقت الذي يقضونه منتظرين صيدهم، والبعض يمارسها من بعد الفجر إلى الظهر، وآخر ون من بعد العصر إلى المغرب. ويقول عثمان عقيلي أحد سكان جزيرة فرسان: «صيد السمك لا ينقطع خلال رمضان، إلا أن التوقيت يختلف قليلاً، مبيناً أن بعض الصيادين يقوم بإيقاف قاربه، ويعتبر رمضان بمثابة إجازة له من العمل والصيد». وأضاف عقيلي: «هناك صيادون كبار في السن يذهبون للصيد في الصباح الباكر وخصوصاً صيادي الضيرك (الكنعد)، ويصيدونه بطريقة المجرور أو الصيد بالسنارة، ومن ثم يعودون مع قرب صلاة الظهر لبيعه في السوق»، لافتاً إلى أنهم يخلدون إلى الراحة باقي يومهم في منازلهم حتى يكملوا باقي صيامهم بعد عنائهم في عملية الصيد. ومهما كانت كمية الأسماك قليلة التي يعود بها هاوي الصيد بالسنارة، فإنه لا يتوقف عن الحديث عن المتعة التي وجدها على الشاطئ، وذلك لأنه بمجرد الوقوف وبيده السنارة تصبح خطوات الصيد متتالية وشيقة. وعلى رغم أن مهارات بعض الهواة يمكنها أن تصل إلى معرفة نوع السمكة التي علقت بالسنارة قبل إخراجها من الماء وذلك من طريقة المقاومة التي تبديها السمكة، إلا أن هذا لا يعني أن المتعة التي يجدها المهرة أكبر من متعة الهاوي. ويروى الهاوي عبدالرحمن الزهراني تجربته مع الصيد في جدة، قائلاً إن مسقط رأسه مدينة الباحة الجبلية البعيدة عن الشواطئ، ولكن رحلة واحدة مع أصدقائه كانت كافية لاكتشاف هذه الهواية والتعلق بها. ولهواية الصيد بالسنارة أدواتها، وكل المدن الساحلية في السعودية تضم عشرات المحال التي تبيع هذه الأدوات، ومنها: القصبة وتحوي نوعين أساسيين بعضها مزود ببكرة، وبعضها من دونها، ويفضل أن يبدأ الهاوي بالقصبة من دون بكرة، والخيط، وعلبة مداور صغيرة، وثقالات رصاص، وسنانير، وأخيراً الطعم. ولا يمكن حصر أماكن ممارسة هذه الهواية في رمضان على طول البحر الحمر والخليج العربي، ففي أي واجهة بحرية في كل مدينة يوجد مجموعة من الصيادين. ففي الشرقية هناك الكثير من الأماكن التي تمثل نقاطاً مثالية للصيد، ومنها جزيرة المرجان في الدمام، والواجهة البحرية ومخطط الشبيلي وشاطئ الغروب وشاطئ تالا في الخبر، ومنطقة كورنيش القطيف، ورأس تنورة وكورنيش الجبيل، وغيرها من الأماكن. وتتنوع الأسماك في هذه المنطقة ومنها الهامور، والكنعد، والزبيدي، والشعم الأبيض، والشعري، والجرامة، وأسماك أخرى.