بعد مطالبات وضغوط عدة، نجحت قبيلة البراعصة الليبية التي تنتمي إليها صفية أرملة العقيد معمر القذافي، في تأمين الحرية لنجله سيف الإسلام الذي بات طليقاً تحت حماية «أخواله» في القبيلة النافذة في الشرق الليبي. أتى ذلك إثر إعلان «كتيبة أبو بكر الصديق» التي كانت تحتجز القذافي الابن قيد الإقامة الجبرية، إطلاق سراحه بعد نحو ست سنوات من اعتقاله إثر سقوط نظام والده عام 2011. وأشارت الكتيبة إلى أن سيف الإسلام القذافي غادر مدينة الزنتان الجمعة، غير أنها لم تحدد وجهته، فيما أفادت مصادر عدة في البيضاء (شرق) بأنه وصل إلى المدينة التي تتخذ منها الحكومة الليبية الموقتة برئاسة عبدالله الثني مقراً لها. لكن أي جهة رسمية لم تؤكد وجود سيف الإسلام في المدينة، علماً أن مصادر قبيلة البراعصة أكدت أنه تحت حمايتها. وأكدت مصادر إعلامية محسوبة على أنصار القذافي أن سيف الإسلام توقف بعد مغادرته الزنتان في مدينة أوباري شرق العاصمة الإقليمية سبها حيث «خرجت مسيرة احتفالاً بإطلاقه»، وتحدثت المصادر ذاتها عن مسيرات مماثلة في مدن عدة في الجنوب. وفي بيان صادر عنها تداولته أكثر من وسيلة إعلامية ليبية، عزت الكتيبة قرار الإفراج عن نجل القذافي إلى مراسلات من وزارة العدل في الحكومة الموقتة، إضافة إلى تصريحات متكررة لوكيل الوزارة عيسى الصغير تطالب بضرورة الإفراج عن نجل القذافي، عملاً بعفو عام أصدره البرلمان الذي يتخذ من طبرق مقراً له. وعزت مصادر محلية تحدثت إلى «الحياة» مطالبات الحكومة في الشرق إلى ضغوط مارستها قبيلة البراعصة. وشددت «كتيبة أبو بكر الصديق» في بيان على أن القذافي الابن غادر الزنتان من تاريخ إخلاء سبيله الجمعة، داعية «كل مؤسسات الإصلاح والتأهيل إلى أن تحذو حذو مؤسسة الإصلاح في الزنتان، والإفراج عن جميع المساجين السياسيين الذين شملهم قانون العفو العام». وعلى رغم أن الكتيبة تتبع مبدئياً الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، شككت مصادر في أن يكون الإفراج عن سيف الإسلام، تم بأمر من القيادة العسكرية في مدينة المرج، ذلك أنه بعد الإعلان عن عملية إطلاق السراح، أقدمت قوات تابعة للمجلس العسكري في الزنتان بقيادة أسامه أجويلي على اقتحام مقر «كتيبة أبو بكر الصديق». وأبدت مصادر المجلس المحلي استياءها لاتخاذ حراس سيف الإسلام قراراً كهذا من دون التشاور مع القيادات المحلية. وكان رئيس حكماء قبيلة البراعصة أمراجع العبيد طالب الزنتان مراراً بإطلاق نجل القذافي. ولوحظ أن الناطق باسم الجيش العقيد أحمد المسماري علق بفتور على إطلاق سيف الإسلام القذافي، إذ اكتفى بتأكيد مغادرة الأخير الزنتان، وقال إن سيف «مواطن ليبي استفاد من قانون العفو العام، وهو حر طليق وتحق له ممارسة الحياة السياسية، ما لم يكن مطلوباً في قضايا جنائية». وتدور تكهنات في الشرق عن أن قبائل البراعصة والعبيدات والعواقير، ترغب في الاستفادة من وجود سيف الإسلام في حمايتها للاستقواء به، في ظل خلافات بين حفتر وقبائل البيضاء والجبل الأخضر. ولا تخفي القبائل تمسكها بصيغة «الجيش الوطني» الذي يندرج فيه أبناؤها وحيث قدموا تضحيات، لكن هذه القبائل ترى أنه حان الوقت ليتنحى حفتر عن القيادة ويتفرغ إذا أراد للعمل السياسي، كما أبلغت «الحياة» المصادر المحلية. ويستبعد أن يعلن في الوقت الراهن مكان محدد لإقامة سيف الإسلام القذافي، نظراً إلى أن المحكمة الجنائية الدولية كانت أبدت رغبتها في مقابلته لتسوية ملف مطالبتها باسترداده لمحاكمته، في إطار قرار أصدرته في 2011 وشمل والده وصهر الأخير عبدالله السنوسي رئيس الاستخبارات سابقاً، لاتهامهم باستخدام العنف في قمع المتظاهرين ضد النظام السابق.