شهدت البادية السورية أمس، تطوراً لافتاً تمثّل في الإعلان عن وصول القوات النظامية السورية وميليشيات حليفة إلى الحدود مع العراق شمال شرقي منطقة التنف التي تضم قاعدة تنتشر فيها قوات خاصة أميركية ومن دول غربية أخرى إلى جانب فصيل سوري معارض. وجاء هذا التقدم على رغم تحذيرات وجهتها الولاياتالمتحدة في الأيام الماضية وترجمتها بما لا يقل عن ضربتين جويتين على أرتال للقوات النظامية وميليشيات شيعية تقاتل إلى جانبها بإشراف إيراني بعدما اقتربت من التنف التي يمر عبرها الطريق الدولي دمشق- بغداد. ولم يكن واضحاً فوراً هل تنوي القوات الأميركية الرد على ما يبدو «إصراراً» من طهران على فتح طريق برية بين العاصمتين السورية والعراقية. وأعلن «الإعلام الحربي» التابع ل «حزب الله» اللبناني مساء أمس، «وصول أولى وحدات الجيش السوري والحلفاء إلى الحدود السورية- العراقية شمال شرقي التنف»، بعد يوم من إسقاط التحالف بقيادة أميركا طائرة «درون» تابعة للقوات النظامية أو لحلفائها في المنطقة ذاتها. وأظهرت خريطة ميدانية وزعها موالون لحكومة دمشق أن قوات سورية وعراقية التقت عند موقع حدودي في الصحراء شمال شرقي التنف، وتحديداً في المنطقة الفاصلة بين مواقع «داعش» في البادية وتلك التي تسيطر عليها الفصائل المدعومة من الأميركيين. والتقاء القوات النظامية السورية والعراقية في تلك النقطة قد يعني قطع الطريق أمام تقدم الفصائل السورية بدعم أميركي من ريف حمص إلى ريف دير الزور على طول الحدود مع العراق بهدف الوصول إلى مدينة البوكمال. ولا يُعتقد أن الأميركيين يمكن أن يسمحوا بمثل هذا السيناريو إلا إن كان نتيجة اتفاق غير معلن مع روسيا التي كانت عبّرت أكثر من مرة عن استيائها من ضربات التحالف للقوات النظامية وحلفائها في البادية، مؤيدة تقدمها نحو حدود العراق. وفي هذا الإطار، نقلت محطة «روسيا اليوم» عن الفريق أول سيرغي سوروفيكين، قائد مجموعة القوات الروسية في سورية، قوله إن «الإنذارات» التي يوجهها الأميركيون إلى الجيش النظامي السوري تأتي «بتبريرات سخيفة تماماً». وقال سوروفيكين في مؤتمر صحافي مع الفريق أول سيرغي رودسكوي، رئيس مديرية العمليات في هيئة الأركان العامة، إن «القوات الحكومية السورية والقوات الرديفة استعادت السيطرة على مقطع من الحدود السورية- الأردنية طوله 105 كيلومترات، وأقامت 9 معابر حدودية»، مشيراً إلى «توقيع اتفاقات انضمام 22 بلدة في تلك المنطقة للهدنة، ما يكلل عملية المصالحة مع عشائر الدروز والبدو التي تسيطر على هذه المنطقة بالنجاح». وشدد على «أن القوات الحكومية تواصل عملياتها للسيطرة على كامل الحدود السورية- العراقية والسورية- الأردنية»، قائلاً: «في سياق التقدم، واجهت القوات الحكومية عراقيل من قبل طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وطرح الأميركيون أمام الجيش السوري إنذاراً عديم الأساس، بعدم الاقتراب من مواقع ما يعرف بالجيش السوري الجديد». وتابع أن الأميركيين يبررون موقفهم هذا ب «مزاعم سخيفة تماماً باعتبار أن القوات الحكومية تمثل خطراً على القواعد الأميركية ومعسكرات تدريب مقاتلي المعارضة في جنوب سورية»، على ما جاء في تقرير «روسيا اليوم». في غضون ذلك، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إلى اشتباكات عنيفة تدور بين «قوات الشهيد أحمد العبدو» و «جيش أسود الشرقية» المدعومين من التحالف الدولي من جهة، والقوات النظامية والمسلحين الموالين من جنسيات سورية وغير سورية من جهة أخرى، في أطراف البادية بريف دمشقالجنوبي الشرقي. وأكد أن فصيلي المعارضة تمكنا من السيطرة على تلة قرب منطقة بير القصب القريبة من تل دكوة التي انتزعتها منها القوات النظامية أول من أمس. وأضاف أن المعارضين يشنون هجوماً معاكساً لاسترداد ما خسروه في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تقع قرب مطار الضمير، مشيراً إلى أنهم أسروا عناصر من القوات النظامية.