ككرة الثلج تدحرجت مشكلة الباعة الجائلين في المدن والقرى السعودية، فكبرت وتحولت إلى مشكلة تؤرق المسؤولين في أجهزة حكومية عدة، ولم تفلح المطارادات التي ينفذها مراقبو البلديات ومصادرة البضائع في لجم الباعة، وغالبيتهم من الوافدين، وبعضهم مخالفين لنظامي العمل والإقامة، إضافة إلى سعوديين. وشهدت الأعوام الأخيرة ظهور مبادرات لترسيم وضع الباعة السعوديين ضمن اشتراطات وضوابط، ولكن غالبيتها لم يفلح في معالجة المشكلة. وتحظر الأمانات البيع الجائل، وتشن حملات تفتيش لمنعه، وتفرض العقوبات والغرامات وتصادر البضائع وغيرها من الإجراءات التي لم تجد نفعاً، فلا يكاد يمر يوم من دون حصول مطاردة لباعة جائلين ولكنهم لا يملون من تغيير أماكن البيع والتجول، وإن كانوا يفضلون المساجد والجوامع، وأسفل الجسور والكباري. وحذرت الأمانات من التعامل مع هؤلاء الباعة، موضحة أن ما يعرضوه «خطر على الصحة»، لافتة إلى أنهم يبيعون بضائع «مجهولة المصدر، أو مواد منتهية الصلاحية، إضافة إلى تخزينها بطرق غير صحية، فمنهم من يستخدم حاويات النفايات مستودعاً لبضائعه، وبعضهم يبيع ملابس مستعملة». وربط اختصاصي التغذية سلطان العتيبي بين أغذية الباعة الجائلين والإصابة بالكثير من الأمراض الخطرة الناجمة من أنواع محددة من البكتيريا، مشيراً إلى أن أمانة الرياض حذرت من خطورة شراء واستخدام الملابس المستعملة التي يعرضها هؤلاء الباعة. وقال المدير العام لصحة البيئة في أمانة الرياض منصور بالبيد إن «الباعة الجائلين يمارسون البيع العشوائي للمواد الغذائية، وبعض السلع التي تكون معرضة لأشعة الشمس وتقلبات الأجواء والغبار وتفتقد ضوابط الحفظ والتخزين والنقل ومجهولة المصدر». بدوره، أوضح مدير دوريات أمانة الرياض قيعان الشمري أن عملهم يقتصر على مصادرة المضبوطات فقط، أما القبض على الباعة فيكون من مسؤوليات الأجهزة الأمنية، مبيناً أن غالبية بضائعهم من الخضراوات والفواكه والكماليات، مثل العطور والساعات المقلدة. وإذا كان غالبية الباعة يهربون ما أن يلمحوا دوريات الأمانات، فإن بعضهم يشتبك مع المراقبين، فقبل عامين تعرض مراقباً بلدياً في مدينة الدمام، إلى اعتداء من باعة جائلين أثناء أدائه مهماته. وقال الناطق باسم أمانة المنطقة الشرقية محمد الصفيان في تصريح صحافي حينها: «إن عمالاً وافدون تعدوا على مراقب ميداني يعمل في الإدارة العامة لشؤون الأسواق، وذلك أثناء تأدية مهماته في متابعة البساطين والباعة المتجولين في حي الخضرية، وتم إبلاغ الأجهزة الأمنية بالحادثة، التي باشرت الموقع». مخالفون يعوقون البائع المواطن حددت اللائحة التنظيمية للباعة الجائلين التي أصدرتها وزارة الشؤون البلدية والقروية شروطاً يجب توافرها في طالب الترخيص، منها أن يكون سعودياً سواءً أكان ذكراً أو أنثى، وألا يقل عمره عن 15 سنة، ويحمل بطاقة الهوية الوطنية، إضافة إلى حصوله على شهادة صحية تثبت خلوه من الأمراض. وأكدت الوزارة أن تطبيق هذه اللائحة التنظيمية من شأنه إعطاء الفرصة للمواطن السعودي وتمكينه من البيع والكسب بالطرق المشروعة، وذلك من خلال المنتجات المسموح بها في المواقع المخصصة لمزاولة هذا النشاط من الأمانات. وشددت الوزارة على الأمانات والبلديات بتطبيق هذه اللائحة التنظيمية وتكثيف الجهود لمنع الباعة المتجولين غير السعوديين، مشيرة إلى رصد الجهات المختصة انتشار مباسط الباعة غير السعوديين في شكل ملحوظ، ما تسبب في مضايقة الباعة السعوديين ومنافستهم بطرق غير مشروعة في مصدر دخلهم، ما يعد مخالفة للائحة التنظيمية للباعة الجائلين. إلى ذلك، ناقشت اللجنة التجارية في «غرفة الرياض» دراسة حول مشكلة ظاهرة البيع الجائل والمخالف، بعد تكليف الغرفة من إمارة منطقة الرياض بإيجاد حل جذري لهذه المشكلة، وتم اعتماد إطار الدراسة وجارٍ تنفيذها. وأطلقت بلديات وجهات حكومية مبادرات للحد من الظاهرة، وحصرها في أماكن معينة وباشتراطات محددة، كان آخرها مبادرة دعم وتنظيم الباعة الجائلين التي أطلقها مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل، ويشرف عليها مركز التكامل التنموي في الإمارة وتستهدف 10 آلاف سعودي، وتم تسيلم رخص النشاط لعدد منهم. بائع جائل يصبح مليونيراً يدير شركة مساهمة قاد «وانيت» لبيع «الفصفص» قبل حوالى 15 عاماً، أبناء الدباس إلى إنشاء شركة مساهمة مغلقة تخصصت في بيع المكسرات، برأسمال 50 مليون ريال. وروى المهندس عبدالإله الدباس، رئيس مجلس إدارة شركة «باجة» للصناعات الغذائية، تجربته أمام مجلس شباب الأعمال في «غرفة الشرقية» قبل عامين. وقال: «طلبت والدتي من شقيقي أحمد في العام 1997، أن يشغل نفسه بشيء مفيد، فأصلح الوانيت المتعطل وسعى إلى الرزق من خلاله». وباع أحمد «الفصفص» المصري في شوارع الرياض لستة أشهر، لم تخل من زيارات مندوب البلدية، الذي كان يمنعه من البيع الجائل ويوقفه ويصادر بضاعته في أحيان أخرى. ولكن المشروع انتقل لاقحاً من سيارة متجولة تبيع منتج أو منتجين بوسائل تقليدية، إلى مشروع يضم 100 معرض في 30 مدينة سعودية، ويقدم 152 منتجاً، وتحول إلى شركة مساهمة مقفلة.