تعهدت الحكومة التونسية مواصلة الحرب على الفساد وتفكيك شبكاته وذلك إثر حملة اعتقالات شملت رجال أعمال وموظفين في الدولة. وقال الناطق باسم مجلس الوزراء إياد الدهماني في مؤتمر صحافي إن الحكومة «انطلقت في تفكيك شبكة الفساد والفاسدين وهذا العمل سيتواصل في إطار الشفافية والوضوح»، نافياً أن تكون التوقيفات انتقائية لرجال أعمال وموظفين ومهربين محددين من بين المشبوهين في جرائم فساد. يأتي ذلك في ظل حملة اعتقالات نفذتها السلطات بحق رجال أعمال بارزين ومهربين وموظفين في أجهزة الجمارك للاشتباه في علاقتهم بالفساد والتآمر على أمن الدولة. ووُضِع المعتقلون قيد الإقامة الجبرية وفق قانون الطوارئ الساري في البلاد منذ نهاية عام 2015. وأوضح الدهماني أن الحكومة «اضطرت إلى اتخاذ إجراءات استثنائية خلال مرحلة استثنائية وستستخدم كل الوسائل القانونية في حربها ضد الفساد»، مشدداً على أن الفساد في تونس بلغ درجة لا يمكن معها اعتماد الإجراءات العادية والحكومة تتحمل مسؤولية القرارات المتخذة. وقدم وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب قائمة بأسماء 10 رجال أعمال ومهربين وضِعوا قيد الإقامة الجبرية منذ 23 أيار (مايو) الماضي بموجب قانون الطوارئ المطبّق، ومن بين الموقوفين أحد ممولي حزب «نداء تونس» الحاكم رجل الأعمال شفيق جراية الذي أوقفه القضاء العسكري بتهمة الخيانة العظمى. يُذكر أن السلطات التونسية قررت تأميم أملاك 8 أشخاص من بين الموقوفين العشرة باعتبار أنهم «كونوا ثروات بالاستفادة من نفوذ عائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي»، وسط تعهدات من الحكومة بمواصلة حملة الاعتقالات لتشمل متورطين في الفساد ومتواطئين. ويشمل قرار «التأميم» أملاك وأرصدة كل من شفيق الجراية وياسين المنوفي منجي بن رباح وكمال بن غلام فرج ونجيب بن اسماعيل وعلي القريوي وهلال بن مسعود بشر ومنذر الجنيح، ويمارس هؤلاء أنشطة اقتصادية مشبوهة وتهريب وكسب غير مشروع. وبدأ القضاء العسكري منذ أيام، التحقيق مع الجراية في تهم ترتبط بالخيانة العظمى وتهديد أمن الدولة، وأصدر قاضي التحقيق العسكري في إطار القضية ذاتها، مذكرة توقيف بحق مدير الأمن السياحي التونسي والرئيس السابق لفرقة الأبحاث في قضايا الإرهاب، في أول توقيف لمسؤول بارز في قوى الأمن. وفسّر الناطق باسم الحكومة أن «شبكات الفساد في تونس مرتبطة ببعضها ويتداخل فيها التهريب والتهرب الضريبي وتداول العملة الصعبة خارج الإطار القانوني»، مشيراً إلى أن «من بين الموقوفين رجال أعمال ارتكبوا مخالفات جمركية قيمتها تصل إلى مئات ملايين الدنانير وبعضهم ملاحق قضائياً منذ سنوات». وكان «الائتلاف المدني لمكافحة الفساد» وهو تحالف يضم 20 منظمة تونسية غير حكومية، طالب في بيان بالتحقيق في «البطء غير المبرر للقضاء التونسي في ملاحقة الفاسدين إذا ما ثبت وجود قضايا ضدهم» معتبراً أن حسم قضايا الفساد قد تأخر في شكل يثير الشبهات.