دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف جميع اللاعبين الخارجيين المشاركين في تسوية النزاع السوري إلى «تنسيق خطواتهم»، محذراً من الإضرار بسيادة سورية وتحويلها مركزاً للتهديدات الإرهابية. وجاءت تصريحات لافروف فيما أجرى محادثات حول الأزمة السورية مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي قال إن «هذه لحظة مهمة وحساسة» من الصراع المستمر منذ نحو 6 سنوات. وشدد المبعوث الأممي على أن مساري جنيف وآستانة «مرتبطان أرتباطاً وثيقاً»، كما أعترف بالحاجة الى «طرح أفكار جديدة طوال الوقت من أجل الحفاظ على قوة الدفع للعملية السلمية في سورية». يأتي ذلك فيما أعلنت وزارة خارجية كازاخستان تأجيل محادثات آستانة برعاية روسيا وتركيا وإيران إلى أجل غير مسمى. وبحث لافروف أخر تطورات الوضع في سورية ومسار التسوية السلمية مع دي ميستورا. وعبّر عن امتنانه للاتصالات المنتظمة بين روسيا والأمم المتحدة من أجل إيجاد أفضل السبل للتقدم إلى الأمام على مسار التسوية السورية «التي دخلت مرحلة حاسمة» وفق ما نقل موقع «روسيا اليوم». وأضاف لافروف «أعتقد أن المهم في الوقت الراهن هو ضمان انسجام كافة الجهود التي يبذلها اللاعبون داخل سورية وخارجها نحو تحقيق نتيجة تضمن سيادة الدولة السورية وحقوق المجموعات العرقية والطائفية القاطنة هناك كافة، إضافة إلى ضمان أمن المنطقة برمتها والحيلولة دون تحول سورية إلى مصدر للخطر الإرهابي». وعبر لافروف عن قناعته بالتكامل بين عمليتي آستانة وجنيف للتفاوض بين السوريين، وأكد أن موسكو تعتز بالتنسيق بين الدول الراعية لعملية آستانة والفريق الأممي الراعي لمفاوضات جنيف. من ناحيته، قال دي ميستورا إنه من المستحيل إنجاح عملية جنيف دون الجهود المبذولة في مفاوضات آستانة. موضحاً: «من دون عملية تخفيف التوتر، ستكون محادثات جنيف صعبة. لكن من دون مسار جنيف، يكون تخفيف التوتر بلا أفق». وأقر المبعوث الأممي بأن عملية تخفيف التوتر في سورية «صعبة للغاية»، وثمّن التعاون مع التحالف الدولي ضد «داعش» والدول التي تبذل جهوداً في مسار آستانة. وألتقى دي ميستورا في موسكو أيضاً وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، حيث تم بحث تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين والخطوات الرامية إلى تخفيف التوتر وإزالة الألغام. وكان دي ميستورا قال في روما أول من أمس أن «سبيل التوصل إلى الحل في سورية يجب أن يكون من خلال إشراك روسيا». وأعتبر أنه «من المهم الحد من الآلام من خلال توفير المساعدات الإنسانية»، معبراً عن «الأسف لعدم القدرة على الوصول إلى جميع أولئك الذين يحتاجون إليها، أي إلى مليونين ونصف المليون مدني سوري». وتابع: «إذا كانت هناك هدنة، فيمكن الوصول إلى الجميع، لكن كل هذا لا يحدث على رغم الاتفاق على مناطق تخفيف التوتر المتوصل إليها في آستانة». ولفت المبعوث الأممي إلى أنه «لا يمكن أن يستمر وقف إطلاق النار لفترة طويلة من دون إيجاد أفق سياسي، وهو ما نصت عليه مقررات جنيف». في موازاة ذلك، قالت وزارة الخارجية في كازاخستان إن روسيا وتركيا وإيران أرجأت إلى أجل غير مسمى جولة مقررة من محادثات السلام السورية في آستانة كانت موسكو قد اقترحت عقدها يومي 12 و13 حزيران (يونيو) الجاري. وذكر متحدث باسم الوزارة أنه لم يتضح بعد متى ستعقد الجولة المقبلة من المحادثات التي تشارك فيها أيضاً الحكومة السورية وبعض فصائل المعارضة. ونقلت وكالات أنباء روسية عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قوله إن المفاوضات قد تستأنف يوم 20 حزيران الجاري، موضحاً أن الموعد مبدئي. وأشار إلى أن الاجتماع تأجل لعدم استعداد الوفود، من دون ذكر المزيد من التفاصيل. وتقول مصادر المعارضة إن سبب تأجيل المحادثات هو أستمرار الخلافات بين الأطراف المعنية على تفاصيل وقف العمليات القتالية وكيفية مراقبتها، بخاصة في إدلب التي باتت مركزاً لتجمع فصائل المعارضة التي خرجت في الأونة الأخيرة من ريف حلب وريف دمشق وحمص. وجاءت دعوة موسكو للتنسيق بين الأطراف الفاعلة في سورية على خلفية تصعيد عسكري عند معبر التنف في منطقة المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن وبين واشنطن وحلفائها على الأرض، والقوات النظامية السورية والميليشيات الموالية لها أثر ضربة جوية أميركية على جماعات تدعمهم إيران قرب التنف، في ثاني هجوم من نوعه خلال ثلاثة أسابيع. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الهجوم أسفر عن سقوط 17 قتيلاً على الأقل. وعقب الهجوم، حذرت وزارة الخارجية السورية «التحالف الدولي» من «أخطار التصعيد» وطالبته بالتوقف عن شن ضربات جوية على القوات الموالية لدمشق. كما حذر تحالف عسكري داعم لدمشق باسم «قائد غرفة عمليات قوات حلفاء سورية»، من أنه قد يضرب مواقع أميركية في سورية إذا استدعى الأمر، محذراً من أن سياسة «ضبط النفس» إزاء الضربات الأميركية على قوات موالية للحكومة السورية ستنفد إذا تجاوزت واشنطن «الخطوط الحمراء».