شكّلت استضافة البحرين المنتدى الدولي لريادة الأعمال في دورته العاشرة، محطة احتفت بها المنامة بوصفها خطوة على طريقة «رؤية البحرين 2030» التي انتهجتها لتحرير اقتصادها من الاعتماد على النفط عبر التشجيع على إنشاء شركات خاصة، ومشاركة رواد الأعمال في إيجاد مزيد من فرص العمل. وشهد المنتدى الذي اختتم امس بعد يومين من المناقشات تحت عنوان «المنتدى الدولي العاشر لريادة الأعمال - مملكة البحرين 2011»، مشاركة واسعة من مختصين وباحثين من داخل البحرين وخارجها، كما حظي برعاية حكومية تمثلت بافتتاحه من جانب نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة في مركز «عيسى الثقافي»، وتنظيم من صندوق العمل «تمكين» بالتنسيق مع مركز البحوث الريادية CER وجامعة Essex إضافة إلى برنامج LEED التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في فرنسا. وهدفت النقاشات في المنتدى الذي تقرر عقد دورته المقبلة في روسيا، إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة وتشجيع انخراط الأجيال الشابة في مسيرة التنمية بما لديها من مواهب وطاقات، إضافة إلى إيجاد منصة أعمال للباحثين وصناع السياسات، والمتخصصين في تقدير زيادة تدفق المعلومات والمصادر والمعرفة ما بين الشركات والمؤسسات. وكذلك نوقشت مواضيع اقتصادية ومجتمعية تتعلق بتعزيز التنمية اعتماداً على تبني ثقافة ريادة الأعمال وتوفير البيئة المشجعة لها لتكون حافزاً رئيساً في اتجاه التغيير الإيجابي من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية. وشدد أستاذ مؤسسات الأعمال والابتكار في جامعة «اسكس» البريطانية جاي ميترا، على «أهمية مفهوم ريادة الأعمال من منظور خدمة المجتمع»، سائلاً عن مدى مساهمة المشروع الاقتصادي في فرص العمل التي يخلقها كمقياس صحيح للنجاح. وأشار إلى «انخفاض النمو الاقتصادي العالمي منذ سبعينات القرن الماضي، على رغم إيجاد فرص عمل كثيرة في العالم»، سائلاً «عمّا إذا كان تطوير ريادة الأعمال هو بديل حقيقي ومقياس سليم للنجاح الاقتصادي والمجتمعي». وركز على «دور مؤسسات المجتمع المدني في نمو المجتمعات وتطويرها»، داعياً إلى «احترام الخصوصيات الثقافية والاجتماعية وانعكاسها على المشاريع الاقتصادية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمن والنمو». وأشار إلى «الفجوات المتسعة بين الفقراء والأغنياء مثلاً، وبين المهارات والتكنولوجيات، ورغبات الأفراد وإنجازاتهم الفعلية»، منوهاً ب «فكرة قدرة ريادة الأعمال على ردم الفجوات». ودعا مدير برنامج ريادة الأعمال والاقتصاد المحلي وتنمية الأيدي العاملة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في فرنسا سيرجيو آرازاني، إلى «دراسة مفاهيم الاقتصاد الإسلامي كخصوصية ستعمل على إثراء ريادة الأعمال عالمياً». واعتبر نائب الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية آرت دي جيوس، أن من أبرز نقاشات المنتدى، تلك التي ركزت على تحديات تتعلق بإجراءات وقوانين روتينية تواجه رواد الأعمال وتعطل أعمالهم، موضحاً أن «البيئات الجاذبة لريادة الأعمال هي الأقل تطلباً للإجراءات الروتينية». وأشار إلى أن «أحد أهم المحاور هو تشجيع إيجاد بيئة تنظيمية ومشجعة للأعمال تساعد على نمو الخاص منها وريادته، واستثمار التكنولوجيا في مناطق العمل»، مؤكداً «ارتباط ريادة الأعمال مباشرة بإيجاد طرق ووسائل جديدة لتحقيق الأرباح». ونوّه دي جيوس ب «محور تمكين المرأة لخوض مجال ريادة الأعمال المرتبط بنسب عالمية تثبت امتلاكها كفاءات تؤهلها للوصول إلى مواقع صنع القرار أو الإدارة العليا في المؤسسات الحكومية والخاصة»، مشدداً على «أهمية عدم اقتصار النظر لقطاع الأعمال على أنه قطاعٌ ربحي فحسب، بل يتضمن مسؤولية اجتماعية كبيرة». وقال: «يمكن للمساهمة في مشاريع ريادة الأعمال وارتباطها بالمجتمع تحقيق عالم أفضل». وأشار إلى تجربته في بلده هولندا حيث شغل منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية بين عامي 2002 و2007، التي أجرى فيها إصلاحات رئيسة بالتأمين الاجتماعي الهولندي، فحوله إلى نظام يتشارك بواجباته المواطنون وأصحاب العمل والسلطات المحلية. وأكد الرئيس التنفيذي لبنك البحرين للتنمية نضال العوجان «أهمية ثقافة ريادة الأعمال ونشرها لإيجاد جيل جديد يملك حس المبادرة ويقبل على المشاريع الخاصة ومهنة رب العمل». وقال: «ما على رواد الأعمال إلا القيام بالدراسات اللازمة وتقديمها بتقرير متكامل للجهات المعنية للحصول على دعم». وقال الرئيس التنفيذي لشركة «جعفري للاستشارات» أكبر جعفري: «مبدأ المبادرة يقوم على العبثية البناءة، بينما نحاول إبعاد الطلاب في المدارس والدورات عن العبثية، ويتوجب على القياديين أن يعملوا في أجواء تكون مخالفة للنمطية والمألوف كما جرى خلال المؤتمر». ورأى أن «أفضل أسلوب لتعزيز الريادة هو إيجاد أوضاع ملائمة وترك المتدربين يجربون بها للقيام بالعمل على طريقتهم وبطبيعتهم وتقديم مساعدة ودعم هيكلي لهم فقط». وقال: «نحن نتدخل أكثر من اللازم. وباختصار على الرواد أن يتقنوا عملهم عبر الممارسة، ما لم يتعلموه في الجامعات». وقال الشريك المؤسس ل «ثري سكستي للعمارة» مأمون المؤيد في تصريح إلى «الحياة» إن برامج صندوق العمل «تمكين» الجهة المنظمة للمؤتمر لبث روح الريادة، «تصلح لأبناء الجيل المقبل من رجال الأعمال، فهم يفتحون عيونهم من البداية على تلك الرؤى. أما الجيل الأقدم فيصعب عليه التقاط الفكرة. فالأمور تتصل بروح المغامرة». ورأى رئيس التخطيط وتطوير الأعمال في «تمكين» ناصر القائدي أن «المؤتمر يأتي ثمرة جهود تقودها «تمكين» ومجلس التنمية الاقتصادية لدعم تحول قطاع الأعمال والثروة البشرية، نظاماً اقتصادياً يمتاز بإنتاجية عالية ومبتكرة وريادية».