اضطرت القوات العراقية إلى إجراء تعديل على خطتها لمعركة الموصل، بعد إخفاقها في القضاء على ما تبقى من جيوب «داعش» والإطباق على آخر معاقله في المدينة القديمة، فيما أكدت قوات «الحشد الشعبي» سيطرتها على 19 قرية ومنطقة غرب نينوى، في إطار عملية واسعة قرب الحدود مع سورية. وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي أنه لن يسمح ل «جماعات مسلحة بالعبور إلى سورية، وسنسيطر على الحدود بالتنسيق مع الحكومة» في دمشق. ومع قرب استعادة السيطرة على الموصل تحل الذكرى الثالثة لسقوطها، عندما أنطلق عناصر التنظيم بينهم أجانب فجر السادس من حزيران (يونيو) عام 2014، من الجهة الشمالية للساحل الأيمن من النهر، في حي 17 تموز ومشيرفة وحاوي الكنيسة والنجار، وتمكنوا من بسط سيطرتهم على كامل المدينة في غضون يومين. وأعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت في بيان أمس، أن قواته «اندفعت من حي الزنجيلي باتجاه حي الشفاء (شرقاً) للسيطرة على الضفة الغربية لنهر دجلة». وأضاف أن «قطعاتنا مستمرة في عملياتها بحسب الخطة المرسومة والتقدم في عمق الزنجيلي باتجاه باب سنجار تحت غطاء قصف مدفعي مكثف من كتائب المدفعية الثقيلة وسرب الطائرات المسيرة القاصفة الذي طاول عشرات الأهداف المهمة للدواعش»، مشيراً إلى أن «استمرار عمليات إجلاء النازحين من مناطق الاشتباك ونقلهم إلى مخيمات النازحين». وتهدف التعديلات الجديدة في الخطة إلى وصول تعزيزات من الشرطة الاتحادية لدعم الجيش الذي تعثر عند المجمع الطبي في حي الشفاء المجاور لحي الزنجيلي، بعد يوم من إعلان فتح المحور الجنوبي من دون أن تتمكن القوات من كسر دفاعات التنظيم. وأظهرت مقاطع مصورة إنقاذ عشرات المدنيين في حي الزنجيلي، في وقت أكد شهود ومصادر محلية سقوط العشرات بين قتيل وجريح جراء المعارك وعمليات القصف، وبثت وسائل إعلام محلية صوراً لجثث مدنيين ملقاة على الطرقات. وأعلن المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين أمس خلال افتتاح جلسة مجلس حقوق الإنسان ال35 في جنيف أن «جثثاً لرجال ونساء وأطفال لا تزال في شوارع غرب الموصل، بعدما قتل داعش 163 شخصاً على الأقل في الأول من حزيران (يونيو) لمنعهم من الفرار من مناطق القتال، وهناك مفقودون». وأفاد «مرصد الحريات للدفاع عن المرأة المعنفة» بأن «مجزرة جديدة ارتكبها داعش بحق النساء والأطفال في حي الزنجيلي، بعد أيام من مجزرة سوق السرج خانة التي راح ضحيتها سبعة نساء وعدد من الأطفال»، وأضاف أن «المجزرة وقعت قرب معمل البيبسي أثناء محاولتهم الفرار اتجاه حي النجار المحرر، وتتناثر الجثث في شوارع الحي نتيجة رميهم بالرصاص وتنفيذ عمليات الإعدام بحقهم من قبل التنظيم». ونقلت صحيفة «الصباح» الحكومية عن القائد في جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي قوله، إن قواته «تترقب الالتقاء مع قطعات الشرطة الاتحادية وقوات الرد السريع والجيش العراقي من الناحية الشمالية لاستكمال إطباق الحصار على المدينة القديمة»، وأضاف: «لم يتبق تحت سيطرة داعش سوى مساحة لا تتعدى 3 كلم مربع فقط، لكن التحدي الكبير يكمن في الوجود الكثيف للمدنيين داخل مناطق ضيقة تعج بالبيوت الصغيرة والمفتوحة على بعضها، ويتسلل بينهم الإرهابيون وأغلبهم أجانب الذين يقاتلون حتى الموت». وأجرى قائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى الجنرال جوزيف دانفورد أمس محادثات في بغداد مع رئيس الوزراء حيدر العبادي «حول تطورات معركة الموصل ومرحلة ما بعد القضاء على التنظيم»، وفقاً لبيان صدر عن مكتب العبادي. وفي عمليات غرب نينوى، أعلن إعلام «الحشد الشعبي» في بيان أمس، أن قواته «تمكنت منذ فجر اليوم (أمس) من تحرير نحو 19 قرية ومنطقة ومجمعاً سكنياً تقع إلى جنوب وجنوب غربي قضاء البعاج»، مبيناً أن «هذه القرى هي ثري الأويسط، وأم ضباع، والسادة الزوبع، تل مسعدة، وطوال، ووسمي المروكي، وابهيري، والبو محل (الراوي)، والفوارات، وتل ريم الواقعة جنوب البعاج». وأضاف: «كما تم تحرير قرى الجاير، وحسنان، وأم خراب، وأبو راسين جنوب غربي البعاج، إضافة إلى منطقتي النملة والدويم الصالحية، ومجمع الخبازة السكني جنوب مطار سهل سنجار، ومجمع الحمدانية السكني، ومجمع الرسالة الجنوبي، جنوب وجنوب غربي القضاء». وكان قضاء البعاج الذي استعاده الحشد أخيراً، يعرف ب «العاصمة السرية» للتنظيم لوقوعه في خط إمداد رئيسي بين سورية والموصل ومركز ربط بين المناطق الصحراوية للموصل ومحافظة الأنبار وصلاح الدين جنوباً، ما شكل وفقاً لمصادر عسكرية محمية عسكرية لقيادات التنظيم وأبرزهم زعيمه أبو بكر البغدادي.