أعلنت قيادة الشرطة الاتحادية العراقية أن قواتها تحقق تقدماً في المحور الشمالي للموصل، فيما أكد «الحشد الشعبي» سيطرته على مركز قضاء البعاج والتوجه نحو الحدود مع سورية. وتتقدم القوات العراقية ببطء شديد منذ أسبوع لتضييق الحصار على مسلحي «داعش» المتحصنين في المدينة القديمة، وفيها جامع النوري الكبير الذي أعلن منه زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي «دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام». وتواجه قوات الشرطة والرد السريع صعوبات في فتح ممرات آمنة لإنقاذ آلاف المدنيين المحاصرين الذين يتخذهم «داعش» دروعاً بشرية، وتسعى الى استكمال سيطرتها على 40 في المئة من مساحة حي الزنجيلي. لكنها نجحت في تحقيق تماس مع جهاز مكافحة الإرهاب الذي سيطر على حي الصحة المجاور غرباً، بينما تعثر الجيش داخل حي الشفاء في المحور الشرقي بمحاذاة دجلة، ويحاول السيطرة على المجمع الطبي. وأعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد جودت في بيان أمس أن قواته «سيطرت على 60 في المئة من حي الزنجيلي، بعدما توغلت من محاور عدة صوب باب سنجار وقتلت 23 إرهابياً وأحكمت قبضتها على مقر ما يسمى بالاستشهاديين وضبط أحزمة ناسفة»، وأشار إلى «تكثيف الجهد الإنساني لإنقاذ مئات العائلات المحاصرة ونقلها عبر الممرات الآمنة إلى مخيمات النازحين». وأفادت مصادر أمنية بأن «مسلحي التنظيم شنوا هجمات على قوات الشرطة في مناطق باب الجديد وباب الطوب وباب لكش، وكذلك عند ملعب الموصل، في محاولة لفك الطوق من الجهتين الجنوبية والغربية». وأكد القائد في جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبدالوهاب الساعدي أمس «قتل 120 إرهابياً في عملية تطهير حي الصحة»، وأعلن قائد «عمليات نينوى» اللواء الركن نجم الجبوري أن «داعش انتهى عسكرياً في الموصل ولم يعد يسيطر سوى على 6 في المئة من ساحلها الأيمن». ونفت قيادة العمليات المشتركة في بيان أمس «ما تناقلته وسائل الإعلام من أخبار غير دقيقة عن استخدام الفوسفور في المعركة»، وأكدت: «خروج عدد كبير من المواطنين باتجاه قواتنا لحمايتها من قناصي داعش المنتشرين في المستشفى تمت الاستعانة بالتحالف الدولي لتوجيه ضربات دخان كغطاء يحجب رؤية القناصين لمنح المدنيين فرصة للخروج الآمن وتم ذلك بنجاح»، وأوضحت أن «هذه الضربات الدخانية سبق استخدامها في المعركة للهدف ذاته». في غرب نينوى، أعلنت قوات «الحشد الشعبي» في بيان «تحرير قضاء البعاج بالكامل، بإسناد من طيران الجيش، في عملية نوعية لم تستغرق سوى ساعات»، وقال الناطق باسم «الحشد» أحمد الأسدي: «لن يكون هناك نصر بهذه السرعة وانجاز المهمات المطلوبة كنصر قوات الحشد في تحرير قضاء البعاج، وهو آخر معقل للإرهاب في صحراء غرب الموصل باتجاه الحدود مع سورية، وهذا يشكل أهم عنصر استراتيجي للسيطرة على كل المناطق بين العراق وسورية غرباً، وسيسهل عملية تحرير مدن القائم وعانة وراوة غرب محافظة الأنبار». إلى ذلك، أكد نائب رئيس «هيئة الحشد» أبو مهدي المهندس «ضرورة مسك الحدود بالتعاون مع الشرطة والجيش حتى جنوب معبر الوليد بنحو خمسين كلم، وستتم ملاحقة الإرهاب خارج الحدود إذا هدد الأمن القومي». وأضاف: «سنتوجه الى المناطق غير المطهرة مثل غرب نينوى في محيط قضاء البعاج لتطهير طريق الموصل تكريت، وشرق الشرقاط، وبعض مناطق بيجي، حيث داعش في الأنبار». وقال المحلل الأمني هشام الهاشمي إن «السيطرة على البعاج حرم داعش خوض حرب تقليدية بسبب تعاظم قدرات القوات العراقية في التعامل مع المفخخات والانغماسيين والقناصين». وأوضح أن «الهدف من عمليات تحرير مناطق الحدود هو عرقلة وتعطيل جهد وحدات داعش وداعميه وأنصاره للقيام بأعمال استفزازية في المدن المحررة حديثاً ومئات القرى والمزارع الشاسعة غرب العراق وسيتم تسليم هذه المناطق الى شرطة الحدود والقوات الخاصة». وتأتي هذه التطورات الميدانية وسط تصاعد حدة الاتهامات بين «البيشمركة» الكردية وقوات «الحشد» التي سيطرت أخيراً على مناطق يعتبرها الأكراد جزءاً من إقليمهم. واتهم جواد الطليباوي، وهو أحد قادة «عصائب أهل الحق» المنضوية في «الحشد» رئيس كردستان مسعود بارزاني ب «لعب دور تآمري كبير، تؤكد ذلك التصريحات التي أطلقها قادة البيشمركة وفيها أنهم سيقطعون رؤوس محرري أرض العراق». وأضاف: «ليعلم القادة الأكراد أن الرجال يهددون ويقاتلون في ميادين الحروب بسيوفهم، وعار على الرجال إذا هددوا بسيوف غيرهم، ولذلك نحذر بارزاني ومن سار على مساره من مغبة تحريض القوات الأميركية لاستهداف مقاتلينا». وردت وزارة «البيشمركة» في بيان معلنة أن «تصريحات الطليباوي اعتداء على سيادة الإقليم، وهذا التهجم مشابه لتصريحات زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي»، لافتة إلى أن «قوات الحشد لا تملك القوة لمحاربة داعش وهي تعتمد على المستشارين الإيرانيين».