بغداد- رويترز - ازداد النفوذ السياسي لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من الضغوط على الحكومة العراقية الجديدة لترفض أي محاولة لتمديد الوجود العسكري الأميركي. وحض الصدر الذي ما زالت لديه القدرة على حشد ملايين الأنصار من الشيعة جماهيره السبت على أن يعارضوا الولاياتالمتحدة، مستغلاً أول كلمة يلقيها منذ عودته من منفاه الاختياري في إيران ليؤكد مجدداً أوراق اعتماده كمناهض لأميركا. وقاد سليل العائلة الشيعية القوية انتفاضتين ضد الاحتلال الأميركي وتصدرت ميليشيا «جيش المهدي» الموالية له معظم أعمال العنف التي أعقبت الغزو عام 2003. ومنذ ذلك الحين ألقى «جيش المهدي» السلاح، ووجهت حركة الصدر نظرها إلى الساحة السياسية ونجحت في الفوز بسبع وزارات في الحكومة الجديدة، ولعبت دوراً فعالاً في حصول رئيس الوزراء نوري المالكي على ولاية ثانية. ومن المرجح أن يقلص هذا النفوذ ووجود الزعيم الشيعي الشاب مساحة المناورة المتاحة أمام المالكي في نهاية عام 2011، حين ينبغي أن تسحب الولاياتالمتحدة كل قواتها بموجب اتفاق أمني، لكن العراق لن يكون مستعداً للدفاع عن حدوده بشكل كامل ضد أي هجوم. وقال وين وايت، الباحث في معهد الشرق الأوسط: «سيحاول الصدر استغلال وجوده لتقوية عزيمة اكبر عدد من اللاعبين العراقيين بما في ذلك المالكي للتمسك بالالتزام المعلن وهو ضرورة أن ترحل الولاياتالمتحدة كما هو مخطط.» وكان المالكي أكد أنه لن يجري إعادة التفاوض على الاتفاق الأمني وأن كل القوات الأميركية التي يقل عددها الآن عن 50 ألف عسكري مقابل 170 ألفاً في أوجها، يجب أن تنسحب لكنه لم ينف احتمال أن يوافق البرلمان على شكل من أشكال تمديد وجودها إذا لزم الأمر. وأعاد العراق تشكيل قوات برية كبيرة جديدة بتوجيهات من الولاياتالمتحدة، لكن قواته الجوية الحديثة العهد لن تكون جاهزة للدفاع عن البلاد إلا بعد أن تتسلم أول دفعة منتظرة من الطائرات المقاتلة في 2014. وما زال الجيش العراقي يكافح تمرداً عنيداً في حين ما زالت التوترات بين الأكراد والعرب من دون حل، ما يثير تكهنات بأن المالكي ربما لا تكون أمامه خيارات تذكر سوى أن يطلب من الجيش الأميركي البقاء. لكن أي ميل من المالكي لذلك سيؤدي إلى أن يقلب الصدر والناخبين الشيعة ضده. وقال ديفيد ماك، السفير الأميركي السابق والباحث في معهد الشرق الأوسط: «ستريد حكومة المالكي ومعظم العراقيين أن تكون لهم علاقة مع الولاياتالمتحدة تخدم المصالح الوطنية على أن يظهروا في الوقت نفسه أنهم يتمتعون بالسيادة والاستقلالية الكاملة.» ومنذ وصوله إلى النجف الأربعاء الماضي تبنى الصدر أسلوب رجل الدولة وحاد عن دور المحرض الذي كان يلعبه في ما مضى. لكن تصريحاته المناهضة للولايات المتحدة لم تتغير. ووصف الصدر أميركا وبريطانيا وإسرائيل بالعدو المشترك وطالب الحكومة بالتزام تعهدها سحب كل القوات الأميركية هذا العام. ومن المرجح أن يثير موقفه حالة من الترقب بين العراقيين والأميركيين الذين يأملون بأن تكون الولاياتالمتحدة حليفة للعراق بعد أن كان لها موطئ قدم مهم وبذلت فيه مالاً ودماً كثيراً منذ إسقاط الرئيس الراحل صدام حسين. ويقول مسؤولون أميركيون إن الوجود العسكري سيكون أقل أهمية من وجود ديبلوماسي كبير في المستقبل لكن التفاعل الديبلوماسي ربما يقيده تأثير الصدر المناهض. وقال بول روجرز، أستاذ دراسات السلام في جامعة برادفورد في بريطانيا «سيظل الوجود الديبلوماسي والأمني الأميركي كبيراً لسنوات. لكن إذا أصبح الصدر شخصية سياسية كبيرة وهذا مرجح فإن ذلك سيقلل احتمال أن تتمكن الولاياتالمتحدة من ممارسة تأثير من موقع قوة».