وقع الرئيس دونالد ترامب مرسوماً يعطل عملية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس مدة ستة أشهر، من دون أن يُغلق الباب أمام هذه الخطوة لاحقاً، وبذلك يعود إلى الأسس التقليدية للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، ويتخلى في الوقت ذاته عن وعد انتخابي من شأنه أن يعقّد جهوده لاستئناف مفاوضات السلام الفلسطينية- الإسرائيلية. ولاقى القرار الأميركي ترحيباً فلسطينياً وأردنياً، في حين أعربت إسرائيل عن خيبتها. وأصدر البيت الأبيض بيانيْن، الأول موقّع من ترامب يؤجل نقل السفارة، والثاني يؤكد عمق العلاقة الأميركية- الإسرائيلية، ويرجئ نقل السفارة إلى وقت لاحق. وقال إن الرئيس الأميركي «أعلن مراراً نيته نقل السفارة... والسؤال هو ليس هل سيحدث النقل وإنما متى». وأضاف أن ترامب «اتخذ قراره لتعزيز فرص نجاح المفاوضات للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين». وأكد مسؤول أميركي أن ترامب لا يزال ملتزماً تعهده الانتخابي، وسيفي به في نهاية المطاف، على رغم عدم وضع جدول زمني لذلك. وعزا الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، المساعد السابق في الفريق التفاوضي للسلطة الفلسطينية غيث العمري، عدول ترامب عن نقل السفارة إلى سببين، الأول «ما سمعه من القيادات العربية عن تداعيات مثل هذا القرار على الوضع الداخلي الإقليمي وعلى جهود إعادة إحياء العلاقات العربية- الأميركية». وقال العمري ل «الحياة»، إن نقل السفارة على الأرجح كان سيزيد من المشاعر المعادية للولايات المتحدة في المنطقة، ويساعد المجموعات المناهضة لأميركا، ويحرج شركاء واشنطن. وأضاف أن السبب الثاني هو «إدراك ترامب أن قراراً كهذا يجعل استئناف عملية السلام أمراً مستحيلاً... وبتأكيده أنه سينقل السفارة في وقت لاحق في رئاسته، يحافظ الرئيس على هذه الورقة أداة ضغط في المفاوضات على الجانب الفلسطيني». ورحب الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في بيان بالقرار الأميركي، ووصفه بأنه «خطوة إيجابية مهمة ستعزز فرص تحقيق السلام»، و «يؤكد جدية الإدارة الأميركية في مساعيها نحو السلام وبناء جسور الثقة، خصوصاً بعد قمة الرياض الناجحة ولقاءات الرئيس محمود عباس مع ترامب». كما رحب الأردن بشدة بالقرار الأميركي، وقال الناطق باسم الحكومة محمد المومني في بيان، إن القرار «يعكس مدى تقدير الإدارة لنصائح حلفائها». وأضاف أن التركيز يجب أن يتناول إعادة إطلاق محادثات سلام جدية. ورد مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو على القرار بالقول، إن موقف إسرائيل الثابت هو أن «السفارة الأميركية، مثلها مثل سائر السفارات، يجب أن تكون في القدس، عاصمتنا الأبدية». وأضاف أن «وجود السفارات خارج العاصمة يبعد السلام لأنه يساهم في إحياء الوهم الفلسطيني بأن لا علاقة للشعب اليهودي ودولته بالقدس». وأشار مسؤول إسرائيلي رفيع إلى أنه «منذ فترة طويلة تبلور في مكتب نتانياهو تفاهم بأن ترامب لا يعتزم في هذه المرحلة نقل السفارة، إذ لمس من الرسائل التي وصلت من الإدارة الأميركية أن الوقت ليس ملائماً الآن لمثل هذه الخطوة في موازاة الجهود الأميركية لإعادة إسرائيل والسلطة إلى المفاوضات». وقال زعيم المستوطنين، وزير التعليم نفتالي بينيت: «لا سلام يقوم على تقسيم القدس. التأخير في نقل السفارة يُراكم صعوبات لتحقيق سلام حقيقي لأنه يرفع من توقعات الفلسطينيين العبثية بتقسيم القدس، وهذا أمر لن يحصل أبداً». وأعرب زعيم المعارضة إسحق هرتسوغ عن أن «نقل السفارة إلى القدس أمر مستوجب، لكن نتانياهو لُقن درساً اليوم مفاده أن من يريد اعترافاً دولياً يجب أن يتوصل إلى تسوية سياسية جريئة».