خرجت صحف «الجبهة الوطنية التقدمية» السورية قبل سنوات الى أكشاك البيع، وأصبحت في متناول ايدي الجميع، مثلها مثل الصحف السورية الرسمية الثلاث: «الثورة» و«تشرين» و«البعث». ويلاحظ متتبعون تمسّك هذه الصحف بمواقف أحزابها ورؤيتها الأيديولوجية، ويتساءلون عن مدى مواكبتها التغيير في أمزجة الناس واهتماماتهم ومحاكاة مشاكلهم، خصوصاً بعدما صار حصولهم على خبر أو تعليق سهلَ المنال في المواقع الالكترونية. وصارت صحف «الجبهة الوطنية التقدمية»، وهي ائتلاف سياسي يضم الاحزاب المرخصة، متداولة علناً في أكشاك بيع الصحف في البلاد بموجب قرار صادر عن «الجبهة» في العام 2001. وتنقسم الصحف الحزبية السورية الى نوعين: نوع يهتم بالخطاب الأممي - الشيوعي، وهي: «صوت الشعب» للحزب الشيوعي السوري - جناح الراحل خالد بكداش، و «النور» للحزب الشيوعي السوري - جناح يوسف فيصل، و«قاسيون» وهي صحيفة كانت ناطقة باسم منطقة دمشق في الحزب الشيوعي - جناح بكداش وصارت ناطقة باسم تيار الدكتور قدري جميل وتتوزع في كل سورية. أما النوع الثاني، فتعبر صحفه عن الخطاب القومي العربي وغالبيتها ناصرية، إضافة الى جريدتي الحزب السوري القومي الاجتماعي «الميثاق» و«النهضة» وجريدة «الاتحاد الاشتراكي العربي» بزعامة صفوان قدسي و«الفجر» لحزب العهد الوطني و«الوحدوي» للاشتراكي الوحدوي. يقول بدو خليل، وهو ناقد أدبي يدرّس الإعلام، ان الصحف الشيوعية عموماً تحاول ان تكون مخلصة لأيديولوجيتها الماركسية اللينينية. و «أكثر الصحف التصاقاً بهموم المواطن وقرباً من الشارع هي «صوت الشعب»، فهي على الأقل لم تحاول أن تتملص من اللحظة الراهنة للواقع، وما زالت تعمل مهنياً ضمن نظرتها الشيوعية، وهو شكل من أشكال الإخلاص يستحق الثناء». ويتابع: «ربما كان هذا الشيء على حساب المهنية الصحافية أحياناً. أما «النور»، فهي صحيفة شيوعية تقترب من الصحافة الليبرالية ان جاز التعبير، اذ تناست مهماتها كصحافة موجهة للطبقة العاملة. إنها تبدو أقرب إلى طبقة الساسة والمثقفين». أما «قاسيون»، فيرى خليل أنها «تحاول ان تحتل الوسط بين «صوت الشعب» و«النور»، وهي وفقت في بدايتها، إلا أنها انزاحت أخيراً وبقيت تحوم حول التخوم». يقول احد متصفحي الجرائد المعروضة للبيع: «أنا شخصياً لا أشترى الصحف، بل أتوقف وأتمعن في العناوين. ولو خُيِّرت لاشتريت إما «الجماهير» (جريدة حلبية رسمية تهتم بشؤون محلية) أو «الوطن» - وهي صحيفة سورية خاصة - لأنها على الاقل تنقل الحوادث والأخبار طازجة». يذكر ان عمر الصحف الحزبية هو من عمر أحزابها، وغالباً ما تصدر إما أسبوعية أو شهرية. ويأخذ الكاتب بدرخان علي على هذه الصحف عدم الاهتمام بالشأن الثقافي والفكري، ويقول: «لم أفهم معنى وضرورة إحياء ذكرى ميلاد شخصيات شيوعية عالمية والتفجّع عليها من جانب صحيفة شيوعية سورية كلّ سنة وبالمفردات والكليشيهات ذاتها». ويتفق شادي العمر، الذي يحمل ماجستير في العلوم السياسية مع بدرخان، بالقول انه أمام العقبات التي تواجه الصحافة الورقية في العالم، لم يبق أمام الصحف سوى الاهتمام بالأخبار المحلية وبالمراسيم والقوانين الحكومية، وبإعلانات الجهات الرسمية بأنواعها. ويقول العمر ان الصحف الحكومية الكبرى تغطي في شكل واسع الاخبار الرسمية والمراسيم والقوانين الصادرة التي تهم القراء، في حين لا تغطي الصحف الحزبية الشؤون المحلية في شكل كاف لتوفير خدمة إضافية للجمهور.