توعدت القاهرة أمس ب «توسيع جبهات حربها على التنظيمات الإرهابية»، وهدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن بلاده «لن تتردد في الدفاع عن نفسها من خطر الإرهاب أينما وجد»، فيما أكد الناطق باسم الجيش المصري أن العمليات المصرية في ليبيا «لن تتوقف قبل إنهاء التهديدات»، وتعهد ب «عقاب» للقوى التي تمول وتدعم الإرهاب. وكان السيسي تلقى اتصالاً هاتفياً أمس من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعرب خلاله عن تعازيه في ضحايا حادث المنيا الإرهابي الذي وقع الجمعة الماضي، وأكد إدانة بلاده التامة لهذا العمل الإرهابي، ووقوف فرنسا، حكومة وشعباً، مع مصر وتضامنها الكامل معها في مواجهة الإرهاب الأسود الذي أصبح يهدد العالم بأسره. من جانبه، أكد السيسي خلال الاتصال أن مصر «لن تتردد في الدفاع عن نفسها وعن مواطنيها من خطر الإرهاب أينما وجد»، منبهاً إلى أن هذا الحادث «أكد مرة أخرى أهمية تعزيز وتكثيف الجهود الدولية الرامية لمكافحة الإرهاب»، مؤكداً أن الشعب المصري «سيواصل مسيرته الشجاعة للتصدي لقوى الظلام والإرهاب». كما استمع الرئيس المصري إلى تقرير حول نتائج العمليات العسكرية ضد مواقع الإرهابيين في ليبيا، لاستهداف التنظيمات التي ساهمت في التخطيط لحادث المنيا وتنفيذه، وأكد السيسي ضرورة عدم التهاون مع أي شخص أو جهة تحاول العبث بمقدرات الشعب المصري وأمنه، مطالباً بضرورة التصدي لأي تهديد لاستقرار مصر والقضاء عليه، سواء كان مصدره داخل مصر أو خارجها. وأوضح بيان رئاسي مصري أنه تم خلال الاتصال «الاتفاق على مواصلة التنسيق والتشاور المكثف بين الجانبين خلال المرحلة المقبلة إزاء عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومنها الوضع في ليبيا، وسبل الدفع قدماً بالعملية السياسية هناك بما يعيد الاستقرار إلى الأراضي الليبية ويحفظ وحدتها ومؤسساتها الوطنية». وترأس السيسي اجتماعاً أمس حضره رئيس حكومته شريف إسماعيل، ومحافظ المصرف المركزي طارق عامر، ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية والعدل والمال والتموين والتجارة والزراعة، بالإضافة إلى رئيسَي المخابرات العامة وهيئة الرقابة الإدارية. وأوضح الناطق باسم الرئاسة السفير علاء يوسف أن وزير الداخلية قدم تقريراً حول سير التحقيقات بحادث المنيا الإرهابي، والإجراءات التي تم اتخاذها لملاحقة الجناة وتسليمهم للعدالة، فيما طالب السيسي الأجهزة المعنية بمواصلة جهودها من أجل سرعة ضبط الجناة. وكان الناطق باسم الجيش المصري العقيد تامر الرفاعي، أعلن أن مصر «تعتزم الاستمرار في الضربات الجوية على معاقل التنظيمات الإرهابية في ليبيا»، مشدداً على أن كل من يخطط للإرهاب ضد مصر «ليس آمناً أيّاً كان موقعه أو مسماه»، كما توعد ب «عقاب» أي قوى تمول الإرهاب أو تدعمه في أي مكان. وأكد نجاح الضربات الجوية في «استهداف معسكرات تدريب الإرهابيين في ليبيا التي تهدد الأمن القومي المصري»، موضحاً أن «قوات الجيش لا تستهدف فريقاً بعينه، فلا فرق بين التنظيمات الإرهابية أياً كانت مسمياتها، فجميعها أسماء لنفس الأيديولوجية التكفيرية». وأعلن أمس مقتل القيادي في «مجلس شورى درنة»، المحسوب على تنظيم «القاعدة» في ليبيا، «أبو مصعب الشاعري»، إثر الغارات المصرية على معسكرات الإرهابيين في ليبيا، بعدما كان أعلن مقتل القيادي في المجلس نفسه عبدالمنعم سالم الملقب ب «أبو طلحة»، و4 من أتباعه. من جانبه، قال الناطق باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري، إن سلاح الجو الليبي «ينفذ عملية مشتركة مع القوات الجوية المصرية، يستهدف فيها مواقع لتنظيم القاعدة في ليبيا»، من دون تحديد مكان العمليات، مشيراً إلى أن سلاحي الجو المصري والليبي «يقومان بتلك العمليات بتنسيق مباشر، ويتابعها القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير أركان حرب خليفة حفتر من قرب من خلال غرفة عمليات مشتركة». وأعلن أمس الناطق باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق إن البرلمان يؤيد الضربات التي يشنها سلاح الجو المصري على الإرهابيين، والتي تجري بالتنسيق مع القيادة العامة للجيش الليبي، مؤكداً أن أمن مصر من أمن ليبيا. وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، أكد في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أول من أمس، أن مصر «ستتخذ دائماً مواقف واضحة وحاسمة للدفاع عن مواطنيها وشعبها وأراضيها، وذلك عن طريق التنسيق مع الشركاء فى ليبيا والشركاء الدوليين». وقال شكري: «في ما يتعلق بالوضع في ليبيا والتنظيمات الإرهابية التي تستهدف تقويض إرادة الشعب الليبي، فإن هذه التنظيمات التي تتخذ من السلاح وسيلة لفرض إرادتها هي خارجة عن سلطة الدولة وتهدد الشعب الليبي». وأوضح أنه «كان من الضروري دعم المؤسسات الليبية للاضطلاع بمهمتها للقضاء على الإرهاب، وقد دعمت مصر اتفاق الصخيرات السياسي لتعزيز المؤسسات الليبية كي تستعيد دورها وتحقق الاستقرار والقضاء على الإرهاب، وتستمر مصر في دعم المسار السياسي والوفاق الوطني والاتفاق السياسي للتوصل إلى تعزيز مؤسسات الدولة وقدرتها على القضاء على الإرهاب». ولفت إلى أن «وجود تنظيمات إرهابية واستخدامها قواعد انطلاق إلى الأراضي المصرية يشكل تهديداً للأمن القومي المصري، وحادث المنيا المأسوي هو دليل على مدى قدرة هذه التنظيمات وإصرارها على ارتكاب هذه الجرائم البشعة التي تستهدف الأبرياء، يحتم على مصر أن تدافع عن نفسها وفقاً لقواعد القانون الدولي واستهدفت قواعد هذه التنظيمات والقضاء عليها للحد من قدراتها على تهديد الأمن القومي المصري، وهذا الأمر يتم بالتنسيق الكامل مع الجيش الوطني الليبي والأطراف السياسية التي تعمل من أجل استعادة استقرار ليبيا». من جانبه، تطرق وزير الخارجية الروسى سيرغي لافروف إلى ما آلت اليه الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط مروراً بما حدث في العراق وتبعات هذه السياسة، مشدداً على ضرورة التغلب على هذه المآسي التي حدثت في الإقليم. وقال إن الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي تم على يد جاءت من خارج ليبيا. ولفت لافروف الى «العشرات من العمليات الإرهابية التي وقعت في أوروبا أخيراً»، وشدد على أنه «لا بد من إيجاد صيغة عالمية من دون ازدواج في المعايير لمكافحة الإرهاب، وننحي جانباً كل ما هو ثانوي بدلاً من أن نضع العراقيل أمام مكافحة الإرهاب».