يرى مراقبون جزائريون أن كلاً من رئيس الحكومة السابق عبدالمالك سلال، مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي ووزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة، شخصيات خسرت الكثير بعد آخر تعديل حكومي أجراه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة (80 سنة) الذي منح رئاسة الحكومة إلى حليفه المقرب عبدالمجيد تبون، لكن ابتعاد هؤلاء قد يرتبط من منظور آخر ببداية سباق الرئاسة على اعتبار أنهم مرشحون بقوة لتسلم المنصب. وأفادت مصادر مأذونة بأن وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة رفض عرضاً من الرئاسة بتعيينه سفيراً فوق العادة في باريس، وهو منصب شاغر منذ شهور، ما عكس شعوراً سلبياً لدى الأخير تجاه التغيير الحكومي الذي أطاح به من قيادة الديبلوماسية الجزائرية. وكان لعمامرة تولى حقيبة الخارجية قادماً من رئاسة مجلس الأمن والسلم الإفريقي، لكنه ظل وزيراً منقوص الصلاحيات بوجود عبدالقادر مساهل الذي أصبح بمثابة وزير ثانٍ للخارجية بعد أن رافق لعمامرة في إدارة ملفات الشؤون العربية والإفريقية والجامعة العربية. ويلقى لعمامرة قبولاً واسعاً لدى نخب جزائرية، لذلك رشحته دوائر عدة ليكون خليفة بوتفليقة الذي تنتهي ولايته الرابعة في ربيع عام 2019، ويُعتقد على نطاق واسع أن الرئيس لن يجدد ترشحه رغم استباق حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم، ذلك بترشيحه لولاية خامسة. ويصعب فهم «مزاج» محيط الرئاسة في إبعاد المرشحين المحتملين لخلافة بوتفليقة، إذ يقول بعضهم إن النظام الجزائري يتعمد عادةً إبعاد الشخصيات التي يرى أنها جاهزة لمنصب الرئيس كي تستمر الدائرة المتنفذة في تحضير الخليفة الذي يحقق أكبر إجماع ممكن، من دون مفاجآت. في المقابل، يظن آخرون أن آخر تعديل حكومي قد يشكّل إبعاداً بغرض تحضير «فرسان سباق» لأول انتخابات رئاسية تعددية حقيقية منذ عام 1999، إذ حظي بوتفليقة في المحطات الانتخابية ال4 السابقة بدعم الجيش والاستخبارات والمنظمات الجماهيرية والأحزاب الكبرى، إضافة إلى «جبهة التحرير الوطني». ولا يختلف وضع سلال، عن الباقين، إذ قاد الحكومة لمدة 5 سنوات من دون أخطاء تُذكر من منظور مؤسسة الرئاسة، فظلّ وفياً للرئيس، بعد أن رافقه في الجهاز التنفيذي ل18 سنة وقاد حملته الانتخابية في 3 مواعيد رئاسية بدءاً من عام 2004 باستثناء انتخابات 1999 حين كان علي بن فليس (رئيس حكومة سابق) تسلم إدارة حملة بوتفليقة الإنتخابية. وتوقعت مصادر مأذونة منح سلال منصباً «استراتيجياً» بعد انتهاء عطلته. وكانت أوساط عدة رشحت أن يعيد بوتفليقة، مدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى، إلى قيادة الحكومة. ويُعدّ أويحي شخصية أكثر براغماتية من سلال، وصاحب نظرة اقتصادية مغايرة تعتمد أساساً على صناعة الإنتاج مقابل زيادة الأجور. واعتمد أويحيى خلال الحملة الانتخابية الاشتراعية خطاباً مناهضاً لسياسات سلال، ما جعله بنظر صحف جزائرية مرشحاً بقوة لتولي الحكومة وفق نظرة اقتصادية أكثر تشدداً. وأعاد بوتفليقة أويحيى إلى ديوان الرئاسة منذ عام 2013، بعد شهور على إبعاده من الحكومة ثم من الأمانة العامة لحزبه «التجمع الوطني الديموقراطي»، بسبب خلافات أُشيع أنها نشبت بين أويحيى ومدير الاستخبارات السابق الفريق محمد مدين (توفيق). في سياق آخر، أنهى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة أمس، مهمات وزير السياحة مسعود بن عقون، بعد يومين على تسلمه مهماته في الحكومة الجديدة، ولم تكشف الرئاسة أسباب إقالة الوزير الوحيد المنتمي إلى الحركة الشعبية الجزائرية.