اكتفى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بضمّ 4 أحزاب فقط في الحكومة الجديدة التي يقودها وزير الإسكان السابق عبد المجيد تبون، من بينهم حزبان حصلا على حقيبة واحدة فقط لكل منهما، بينما غاب التيار الإسلامي عن الجهاز التنفيذي على رغم إعلان الرئاسة قبل أيام عن رغبتها في لحاق هذا التيار مجدداً بالعمل الحكومي. وضمت حكومة عبد المجيد تبون، شخصيات محسوبة على «جبهة التحرير الوطني» (أكبر كتلة في البرلمان) و «التجمع الوطني الديموقراطي» (الكتلة الثانية الأكبر)، بإضافة إلى حزبين حليفين عادا إلى الحكومة بعد 3 سنوات من مغادرتها، هما حزب «تجمع أمل الجزائر» الذي نال حقيبة البيئة و «الحركة الشعبية الجزائرية» التي عيّنت أصغر وزير في الحكومة الحالية (32 سنة) على رأس وزارة السياحة. وغادر الحكومة 4 وزراء من «الوزن الثقيل»، وشكل إنهاء مهماتهم مفاجأة للمراقبين، في مقدمهم وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب القيادي في «التجمع الوطني الديموقراطي»، ووزير الاتصال حميد قرين، إضافة إلى وزير الخارجية رمطان لعمامرة، ورئيس الحكومة السابق عبد المالك سلال. واستقرت الرئاسة الجزائرية مجدداً على منطق «حكومة الإداريين والتقنيين»، بدل «الحكومة السياسية» التي بدت أولاً توجهاً مرغوباً فيه حين أعلن سلال استشارة قيادات سياسية من بينها «حركة مجتمع السلم» (إخوان) الإسلامية التي رفضت عرض المشاركة في الجهاز التنفيذي. وقال مراقبون إن فشل رئيس الوزراء السابق في إقناع الإسلاميين ربما يكون سبباً مباشراً في إنهاء مهماته، بسبب الحرج الذي سببه لصورة الرئاسة. ويعطي الاستغناء عن سلال انطباعاً بأنه قاد المشاورات «منفرداً»، الأمر الذي لمّح إليه غريمه أحمد أويحيى الذي حافظ على منصبه مديراً لديوان الرئاسة. وأنهت الرئاسة مهمات وزير الخارجية رمطان لعمامرة، ومنحت الحقيبة لعبد القادر مساهل الذي كان يشغل منصب وزير الشؤون المغاربية والأفريقية وجامعة الدول العربية. واندرج هذا التغيير ضمن عملية «تصحيح وضع» بما أن الوزارة كانت تسير برأسين لمدة سنتين على الأقل، ما أدى إلى خلافات عميقة بين لعمامرة و مساهل دفعت الأول إلى التلويح بالاستقالة أكثر من مرة. وكان لافتاً محافظة الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش، على منصبه كنائب لوزير الدفاع الوطني، في حين توقع مراقبون استبداله، لكن يبدو أن الرئيس عازم على استمرار تحالفه مع قائد الجيش الذي أوكل إليه منذ العام 2013 قيادة حملة تغييرات جوهرية في صلب جهاز الاستخبارات أبعدت خصوم كثر لبوتفليقة عن دائرة القرار. ويُعتقد أن الرئاسة عمدت إلى إبعاد وزراء شكلوا في قطاعاتهم «وزارات أولى مستقلة»، ما أعطى انطباعاً عن تفكك بالغ في حكومات سلال خلال السنوات الأخيرة. وكان واضحاً أن قطاعات المال، الطاقة والصناعة كانت تتخذ قرارات خارج دائرة الاستشارة الفوقية، وإبعادهم كان وفق مصادر مأذونة، في صلب ملاحظات رئيس الحكومة الجديد عبد المجيد تبون. ويُرتقب أن يعقد مكتب المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) جلسة لعرض بيان السياسة العامة لرئيس الوزراء الجديد. وكان تبون قال إن أولوياته اقتصادية عاجلة مع مواصلة النهج الاقتصادي الجديد الذي يعتمد على تقليص الواردات وخفض كتلة الإنفاق العام.