عند مدخل كتيبة «17 فبراير» في بنغازي كُتبت عبارات تُمجد شهداء الجيش الليبي، وبين الأسماء ظهر اسم المهدي البرغثي، وهو وزير الدفاع في حكومة الوفاق، وسط عبارات تحمل شتائم، وعلى أسوار الكتيبة «204 دبابات» القريبة من كتيبة «17 فبراير»، كُتبت عبارات تُمجد البرغثي. هذا التناقض في توصيف وزير الدفاع يمتد إلى كل مُسلح في تلك الدولة التي تضم أكثر من 1700 ميليشيا، وفق الباحث في شؤون الأمن والإرهاب في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» أحمد كامل البحيري. «خريطة الإرهاب» في ليبيا لا يمكن فصلها عن خريطة السياسة، فالكيانات السياسية المتنازعة تحميها ميليشيات مسلحة بعضها متحالف مع تنظيمات متطرفة لا مواربة في كونها إرهابية. «داعش» التنظيم الإرهابي الأبرز في العالم، ليس قوياً في ليبيا كما «القاعدة». وبحسب مسؤول عسكري ليبي تحدث إلى «الحياة»، فإن تنظيم «داعش» يتركز الآن في منطقة «الصابري» في شمال وسط بنغازي، وجنوب الساحل الشمالي على مسافة تزيد على 30 كيلومتراً جنوب سواحل سرت مروراً ببني وليد ومصراتة وحتى طرابلس. وأوضح أنهم يتحركون في تلك المنطقة، وأول من أمس قتل أهالي بني وليد 4 من «الدواعش» وأسروا اثنين كانوا نصبوا مكمناً أمنياً قرب حدود مدينتهم، لافتاً إلى أنهم كانوا يسيطرون على مناطق واسعة من سرت وحتى سبها جنوباً، ولكن بعد طردهم من سرت وبدء الجيش عمليات في الجنوب باتوا يتنقلون عبر شريط ضيق جداً يقع جنوب الساحل، من بني وليد وحتى طرابلس، ولهم وجود ضعيف في منطقة «الجبال السوداء» في «الجفرة» في الجنوب. وأوضح أن المعقل الرئيسي ل «القاعدة» في ليبيا، هو مدينة درنة في الشرق، ممثلاً في «مجلس شورى درنة»، وهو يضم أيضاً بعض المنتمين إلى «داعش»، لكن قيادات المجلس من «القاعدة»، كما توجد قيادات من تنظيم «القاعدة» تقيم في طرابلس، وتتعاون وتنسق مع قيادات «الجماعة الليبية المقاتلة». وأوضح أن ل «داعش» وجوداً في درنة أيضاً عبر موالاة أعضاء في «مجلس شورى درنة» لتنظيم «داعش»، لافتاً إلى أن المدينة تمثل مركز تجميع للإرهابيين القادمين من مصر، بسبب قربها من الحدود الغربية لمصر، ثم تدريبهم وتوزيعهم على جبهات القتال سواء في الداخل الليبي أو في المناطق الساخنة في مصر مثل سيناء أو المنطقة الغربية أو حتى العمق. ولفت إلى أن أنصار «داعش» كانوا يسيطرون على مجلس الشورى، لكن بعد مشكلات مع جماعة «أنصار الشريعة» عادت سيطرة «القاعدة» عليه. وأضاف أن «درنة» الآن مدينة مغلقة يتحكم فيها الإرهابيون، لكن الجيش يحاصرها، في محاولة لتطهيرها. وقال إن «سرايا الدفاع عن بنغازي» التي تتمركز الآن في الجفرة في الجنوب ويتم قصفها من قبل الجيش الليبي، تضم فلول «داعش» و «القاعدة» الذين تم طردهم من بنغازي وأجدابيا. أما عن الكتائب المناطقية، فقال العسكري الليبي إن العدد الأكبر من تلك الكتائب يوجد في مصراتة، وتلك الكتائب يحمل بعض أفرادها هويات صادرة عن وزارة الدفاع في حكومة الوفاق، أو من وزارة الداخلية، وعلى رأس كل منها يتم تعيين ضابط في الجيش وتعمل بنظام يقترب من نظام القوات النظامية لمنحها شرعية. وأبرز تلك الكتائب في مصراتة، التي تضم العدد الأكبر، والزنتان وصبراتة. وتلك الكتائب تضم مزيجاً من العسكريين السابقين والمتطرفين والثوار وبعض أرباب الجرائم، وفي كل مرحلة تتبادل تلك الكتائب المواقع، فقد تتحالف اليوم وتتحارب غداً. وعن هجوم المنيا في مصر، أوضح أن الدعم العلني المصري للجيش الليبي الذي يحاصر درنة ربما دفع بعض القوى المتطرفة إلى تنفيذ هذا الهجوم، لكنها قطعاً لم تكن تتوقع رد الفعل المصري.