علّق مئات الأسرى الفلسطينيين إضرابهم المفتوح عن الطعام الذي استمر 40 يوماً، في أعقاب اتفاق بين قيادتهم وإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية. وجاء الاتفاق تتويجاً لمفاوضات بدأت صباح الجمعة وانتهت فجر أمس في سجن «عسقلان» دامت 20 ساعة، وشارك فيها أربعة من قياديي الإضراب، قبل أن تتعثر وينضم اليها عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» مروان البرغوثي، بعدما نقلته مصلحة السجون الى سجن «عسقلان». وعمّت الفرحة والارتياح المتضامنين في خيام التضامن والإسناد المقامة في عدد من المدن، من بينها غزةورام الله وجنين وبيت لحم ونابلس وغيرها. وعلت البسمة شفاه أمهات الأسرى وذويهم، وهللوا، ورقص البعض، وبكى البعض الآخر فرحاً بعدما استبدّ بهم الخوف والقلق خلال الأيام الأخيرة في ضوء تدهور الوضع الصحي لعشرات المضربين. ولم يصدر بعد أي بيان رسمي عن قيادة «معركة الحرية والكرامة» أو هيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين في شأن بنود الاتفاق. وقالت مصادر فلسطينية عدة إن مصلحة السجون استجابت بعض مطالب الأسرى، ووعدت بالاستجابة لباقي المطالب بإيجابية. ووافقت مصلحة السجون على تنظيم زيارتين شهرياً لذوي الأسرى بدلاً من واحدة تشرف عليها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، فيما ستموّل السلطة الفلسطينية الزيارة الثانية. كما وافقت المصلحة على إعادة الأسرى الذين نقلتهم أكثر من مرة من سجن الى آخر منذ بدء الإضراب في 17 نيسان (أبريل) الماضي، كل الى سجنه الذي كان فيه قبل الإضراب، علاوة على إنهاء عزل قادة الإضراب. وقالت المصلحة في بيان فجر أمس إنها «رفضت الاستجابة لغالبية مطالب الأسرى الفلسطينيين، واكتفت بزيادة وتيرة الزيارات العائلية». وأضافت أن «انتهاء الإضراب عن الطعام أصبح ممكناً بعد التفاهم بين إسرائيل واللجنة الدولية للصليب الأحمر والسلطة الفلسطينية بالسماح بزيارة ثانية شهرياً لذوي الأسرى تمولها السلطة بموافقة إسرائيل واللجنة الدولية». واعتبر رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس أن الأسرى «أعادوا الهيبة للحركة الأسيرة واستطاعوا انتزاع مطالبهم وحقوقهم التي سلبها الاحتلال الإسرائيلي منهم ورفض التعاطي معها». كما اعتبر أن «الاحتلال اليوم يتراجع وينكسر أمام إرادة الأسرى الذين اتحدوا على قلب رجل واحد، في وقت حاولت مصلحة السجون الإسرائيلية تفريقهم، إلا أنها فشلت في تحقيق ذلك». وأكد فارس في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية ان «الأسرى استطاعوا نيل حقوقهم كالسماح بزيارة المحامين، والزيارة الثانية للأهالي، وتخفيف القيود والمنع الأمني، وتوفير هاتف عمومي حيث سيتم الإعلان عن البنود كاملة غداً (اليوم) بعد زيارة المحامين». وقالت وسائل إعلام إسرائيلية وفلسطينية إن اتصالات أجريت بواسطة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط جيسون غرينبلات بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وعد فيها الأخير بتلبية مطالب الأسرى إن علقوا الإضراب 24 ساعة، ما وافق عليه قادة الإضراب. وكانت الإذاعة العبرية قالت مساء الجمعة إن «قلقاً يسود أوساط السلطة الفلسطينية وإسرائيل من تطور مفاجئ بوفاة أحد الأسرى المضربين عن الطعام، خصوصاً بعد تدهور أوضاعهم الصحية، الأمر الذي قد يفجر الأوضاع وخروج الأمور عن السيطرة». واعتبرت الإذاعة أن مثل هذا التطور «سيعود بالفائدة فقط على حركة حماس والبرغوثي على حساب عباس». وكان الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه أعلن أن الأسرى المضربين «علقوا» إضرابهم «بعد التوصل إلى تفاهمات واتفاق مع مصلحة السجون». وأوضح أن تفاصيل الاتفاق سيتم الإعلان عنها رسمياً لاحقاً من جانب رئيس الهيئة عيسى قراقع. في السياق نفسه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جمال محيسن إن «انتصار الأسرى حطم كل الرهانات الإسرائيلية وحساباتها القمعية تجاه الأسرى خلال 41 يوماً من الإضراب». وأكد خلال مؤتمر صحافي عقدته اللجنة الوطنية لمساندة إضراب الأسرى في رام الله أمس، أن حكومة الاحتلال «أُجبرت على إجراء مفاوضات مع قادة الإضراب بعدما أيقنت تصميم الأسرى على مواصلة الإضراب حتى النصر أو الشهادة». وأوضح أن تفاصيل الاتفاق ستعلن لاحقاً، معتبراً أن «الأسرى تحدوا كل وسائل البطش والقمع وكل محاولات كسر الإضراب وإفشال المطالب بعدم تراجعهم أو استسلامهم رغم الظروف القاسية والإجراءات الخطيرة التي طُبقت عليهم خلال 41 يوماً، ووسائل القمع والعنف والانتهاك لم تضعفهم بل زادتهم قوة وإصراراً».