حسم رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أمس اللغط حول ما يثار في شأن التفاهم السعودي – السوري المتعلق بلبنان، فكشف للمرة الأولى أنه «ناجز وينتظر التنفيذ»، معلنا أن «الجهود السعودية – السورية وصلت الى نتائج محددة قبل أشهر عدة»، وأن هذا «الموضوع أنجز منذ فترة طويلة». وذكر الحريري الذي عاد الى بيروت من الرياض فجر أمس، في رده على أسئلة «الحياة» أمس في مكتبه في «بيت الوسط»، أنه سيزور نيويورك ثانية لمقابلة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «والبحث في دفع الجهود السعودية – السورية الى الأمام وحماية هذا المسار الذي يشكل ضمانة لاستقرار لبنان». وأكد الحريري الذي سيلتقي قريباً رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والبرلمان نبيه بري من أجل التشاور معهما في شأن الوضع الحالي في البلاد، وكذلك مع أطراف أخرى، أن «المسار السعودي – السوري يتطلب خطوات إيجابية عدة لم يقم الطرف الآخر بأي منها حتى الآن... ولا يتذرعن أحد بأن خادم الحرمين الشريفين موجود في نيويورك، لأن ما تم الاتفاق عليه حصل قبل شهر من الوعكة الصحية التي ألمّت به». وزاد الحريري: «ليكن مفهوماً بكل صراحة أن أي التزام من جانبي لن يوضع موضع التنفيذ قبل أن يقوم الطرف الآخر بتنفيذ ما التزم به. هذه هي القاعدة الأساس في الجهود السعودية – السورية». وكان الحريري قاطعاً في رده على أسئلة «الحياة» حول المخاوف من ألا يظهر الاتفاق السعودي – السوري بحجة انتظار اللمسات الأخيرة عليه، فقال مرة إن «هذا غير صحيح»، ومرة أخرى أن «هذا المسار لن يتراجع. وأنا أقول هذا الكلام لحمايته لأنه يتعرض لحملة تشويش كبرى». وأضاف: «التزمت الصمت طوال أشهر والآن كسرت حلقة الصمت فقط لأنني مسؤول ومعني بحماية هذا المسار لما فيه مصلحة البلد واستقراره». وأوضح الحريري أن الجهود السعودية – السورية «تتناول عدداً من النقاط لتثبيت الاستقرار في لبنان. وهي ثمرة لمسار أطلقته القمة في بيروت بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس بشار الأسد والرئيس سليمان ومن هنا لا يجوز لأحد أن يخطئ في تحديد هذا المسار الذي تم التوصل إليه بفضل حكمة خادم الحرمين الشريفين وبعد نظره وحرصه على لبنان». وكرر الحريري، رداً على إلحاح «الحياة» في شأن ما يقال عن خطوات مطلوبة منه، استغرابه لهذا الكلام وقال: «الجهود السعودية – السورية وصلت الى نتائج محددة قبل أشهر عدة وهي سابقة لانتقال خادم الحرمين الشريفين للعلاج في نيويورك». واكتفى الحريري رداً على سؤال عن الخطوات المطلوبة من الفريق الآخر بالقول: «يكفي أنها معروفة من الطرف الآخر... المطلوب خطوات محددة من الجهة الأخرى... ولو نفذوا ما التزموا به لما كنا نتحدث عن سباق مع الوقت». وعن الأنباء بأن البحث يتناول تغيير الحكومة وإعادة توزيع الحقائب فيها، قال: «هذا الموضوع خارج البحث كلياً في المسار السعودي – السوري. ومن يعتقد أن بإمكان أي حكومة غير حكومة الوحدة الوطنية أن تنهض بهذا البلد عليه أن يعيد التفكير ملياً بموقفه... لا يعتقدن أحد أنني متمسك بالحكم أو بالسلطة أو بالكرسي. أما كل ما يستحضر لإقحام المسار السعودي – السوري في محاصصات حكومية وغير حكومية فإنه يسعى الى تحويله الى مسار ينتج مشاكل داخلية جديدة بينما هو في الواقع مسار لإنتاج الحلول وتثبيت الاستقرار». وجدد الحريري الإعلان بالنسبة الى حلفائه «أنني قلت قبل الانتخابات النيابية وبعدها إنني لن أتخلى عن أي حليف سواء نجح في الانتخابات أم لم ينجح». وعن عودة حديث المخاوف من الفتنة، كرر الحريري إعطاء الأمثلة عن الحالات التي كان يمكن أن تحصل فيها فتنة «لكنها لم تحصل»، وقال: «خلال السنوات الخمس الماضية حصلت أمور كثيرة انقسم في شأنها اللبنانيون انقساماً عمودياً لكننا تصدينا للفتنة». وأضاف: «أرى أننا قادرون على استيعاب كل الأمور إذا أردنا فعلاً ذلك». وقال إن «الشراكة الوطنية لا تعني تقاسم الحصص الطائفية والمذهبية، بل المشاركة في المسؤولية في بناء الدولة وإدارتها وتسيير شؤون الناس»، معتبراً أن «عدم تسيير مصالح اللبنانيين خطأ في حق وحدتنا الوطنية». وكان الحريري أجرى اتصالين بكل من الرئيسين سليمان وبري نهار أمس. وقال بري بحسب ما نقل عنه تلفزيون «المنار» إنه جرى خلال الاتصال النقاش بجديد المساعي العربية، وأكد أن «الأجواء جيدة ولا بديل من المبادرة السعودية – السورية». وإذ جدد تفاؤله بمسعى «س – س» استناداً الى معطيات لديه، أوضح أن المبادرة «عادت بقوة»، مشيراً الى أنه «قبل مرض الملك السعودي كنا قاب قوسين أو أدنى من التوصل الى الخواتيم المنشودة وبحثنا في الطريقة المثلى للإعلان عن نجاح المساعي والمكان والطريقة التي سيظهر من خلالها». لكن بري، قال إن «مرض الملك انعكس على المبادرة فمرضت هي أيضاً ومع تماثله للشفاء ودخوله النقاهة انتعشت المبادرة وعاد منسوب التفاؤل للارتفاع». على صعيد آخر، وصف الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية السفير حسام زكي تصريحات رئيس «تكتل التغير والإصلاح» النيابي النائب ميشال عون حول حادث تفجير كنيسة الإسكندرية والتي اعتبر فيها أن اعتدال مصر هو مع إسرائيل وليس مع بقية المجتمع المصري، بأنها «سخيفة». وقال زكي إن هذه التصريحات «بعيدة من اللياقة وتعكس حقداً دفيناً لديه ضد مصر وهذيان يستحق الضحك».